ع. بلكبير
في التاريخ ، أي منذ أن أصبح للبشرية إدارات دول ،و في الراهن ، ليس تمة سوى استراتيجيتين دائما ، إحداهما مهيمنة و/ أو حتى مسيطرة ، وذلك على جميع المستويات . و تعمل لذلك جاهدة و " مجتهدة " للحفاظ على الوضع القائم ، و على مصالحها فيه و منه .و هذه دائما تمثل استمرار القديم في الحاضر، ومحاولاته التكيف مع مقتضيات المستقبل، و تكييفها لمصلحته.
وتمة استراتيجية مضادة و بديلة ،مقاومة و مناضلة، تمثل، موضوعيا ، جديدا منبثقا من رحم القديم نفسه ، غيرانها تناقضه و تصارعه ، بل و تتغذى منه بالذات .
خارج هذين ، ليس تمة سوى توابع و ملحقات ، أو حتى هوامش ومخلفات من ماض سحيق .تستمر عالقة متعثرة متهالكة بل ومحتظرة
النظام الرأسمالي هو المهين و هو المسيطر بالأمس القريب و اليوم، وذلك في صيغة إمبريالية (و هي ليست الإمبراطورية) .وذلك بقيادة مكونه المالي- الربوي خاصة، المحتكر و المضارب يخرب البيئات و ينتج الحروب و ينشر الفوضى و الفتن و يقلل الأفواه و يحتل الأراضي و يحارب العقل و الثقافة و القيم و ينشر الفلكلور و البلاهة و التفاهة و يحتل الأراضي و يستعمر الشعوب مباشرة او بوكلاء محليين ( لا وطنيين ، و لا بالأحرى ديمقراطيين)
هذا "النظام" الفوضوي، اللاعقلاني و المتوحش،تقوده اليوم (و.م.أ) ، بإدارة C.I.A.وهو مأزوم ومفلس و لا سبيل لاستمراره سوى عن طريق تصدير أزماته الى أتباعه أولا ، ثم الى أخصامه و أعدائه ، من قبائل (و ليس أعراق) و شعوب و دول صاعدة و ضعيفة أو مستضعفة
التناقض الرئيس اذن ،و هو من طبيعة موضوعية ، هو حالة اقتصادية-اجتماعية و سياسية... بين الاستعمار الجديد ومستعمراته القديمة و/أو الجديدة .و حله لا يتم سوى باستراتيجية التحرر الوطني و الوحدة القومية ، و بناء و ترسيخ الدولة المركزية –الديمقراطية والاشتراكية المستقلة و ذات السيادة. وذلك في جميع المناطق المستعمرة بالدولار و بالقروض و بالاستثمار و بالتبادل غير المتكافئ و بالنهب و بالقواعد العسكرية و الأيديولوجية –الإعلامية و بالانقلابات و بالفتن و بالإرهاب...
لا وجود لخيار أو برنامج و همي لاستراتيجية ثالثة ، بديلة عن الوطنية ،و خارج الأوطان و حدودها الحقة و التاريخية. ليس تمة سوى خيانات مصطبغة بالوان أيديولوجية شتى : طائفية-دينية/ فلكلورية-لهجية/قبلية-جهوية/ عولمية-تطبيعية...
في صف التحرر الوطني و الاستقلال، قد تجد انتماءات أيديولوجية شتى : اشتراكي/ليبرالي/ماضوي-رجعي وحتى غير ديمقراطي ، أما العدمي و طنيأ ، فلا أهمية و لا قيمة لخطابه الأدلوجي عن " الديمقراطية" و "الكونية" و "حقوق الإنسان" ، بديلا عن "حقوق الأوطان " أولا و شرطا ، لحقوق المواطن ، و ليس الإنسان المجرد و غير الموجود بعد، بل هو غاية يستحيل بلوغها في نظام استغلالي تجاوزه الزمن التاريخي ، و اضحى لذلك رجعيا و ماضويا .
حقوق الأوطان شرط لحقوق المواطنين ، و من لم يدرك هذا من هؤلاء، و ارتضى لنفسه العمالة للأجنبي الغاشم ، فلا ينتظرن تضامنا من مواطنيه؟ عودوا أولا الى شعوبكم و الى أوطانكم ، تعود هذه الأخيرة لدعمكم و للتضامن معكم .لا جهوية و لا قبلية و لا تطبيع عولمي مع الاستعمار و الإمبريالية.
قد تصدر الحقيقة أحيانا عن "مجانين" . و من ذلك في هذا الصدد، عبارة ابن لادن عن " فسطاطين" ومثله بوش الثاني "من ليس معنا، فهو ضدنا " استراتيجيتان اذن، و لا طريق ثالث بينهما أو خارجهما (؟ !)
الموقف الشعبي بيَن ، و السؤال مطروح على النخب ، التي يفترض من كل عضو فيها أن يتحمل مسؤوليته و يختار معسكره ، و يرتب على ذلك التزاماته وأولوياته ،دون لبس و دون غموض و أحرى تدليس ؟
Share this content: