انطلق عبد الصمد بلكبير وكوكبته ... في منتصف 1984، في بناء صرح ثقافي عالي المستوى. اعتمد أولا على المقاربة الشمولية للقضايا
مقتطف من مذكرات العربي مفضال - زهرة العمر

Share this content:

سلفيتان

د.ع. بلكبير 

حكَم السلفيات منذ انطلاقها قانونان: 

1-علاقة عكسية، مع الزمن، فكلما تقدم هذا الأخير تأخرت هي.

2-تأسست بقمة (ابن تيمية) ثم تدحرجت نحو السفح، ثم انتهت إلى قعر "الجهادية" (الإرهاب ثم التوحش).

سر ذلك، اجتماعي-تاريخي، يكمن في تدهور الطبقة (أو الطبقات) التي ارتبطت بها وجودا ومسارا ومصيرا.

أحدث ابن تيمية قطائع مع التأويل الإقطاعي للدين وللتدين وعقائدهما: مع الفلسفة والمنطق الأرسطيين الصوريين / ومع "علم" الكلام (المسيحي اليهودي في أصوله) إنتاج الكلام من الكلام، بدل الواقع / ومع الصراعات المذهبية، السياسية في حقيقتها (سنة شيعة خصوصا) / ومع عبادة البشر أحياء أو أمواتا / ومع المدارس الفقهية النظرية والمجردة /..ومع علم "التفسير". والأهم أنه وطن الإسلام وربطه بالجغرافيا (الطبيعية والبشرية واللغوية...) وبالتاريخ الثقافي للأمة لا بالملة.

ابن ع. الوهاب ركز على البعد الوحدوي في الدعوة السلفية، عقيدة (ضد الوثنيات) وسياسة، ما وحد به قبائل رحل، في إطار أكثر من مليوني كلم2، وتحت إدارة دولة مركزية واحدة (؟!) 

ثم افترقت السبل بين سلفيتي الأفغاني وعبده، فالأول اعتبر التناقض الرئيس هو مع الاستعمار، في حين اعتبره الثاني مع الاستبداد، ولذلك أجاز ومارس التحالف ضده مع الاستعمار، واستمر الأمر كذلك حتى يومه. حيث لاحظنا ونلاحظ جرائر هذا المنحى الاستتباعي لمختلف أنماط السلفيات المعاصرة للاستراتيجيات الاستعمارية، ومنتوجاتها الشعبوية والإرهابية، وآخر إفرازات أمراضها الانتحارية: الصهينة (تهويد الإسلام) والتوحش.

الرأسمالية الإمبريالية تصدر عفنها الإيديولوجي نحو الرأسماليات المحلية (وليس الوطنية) المرتبطة بها سوقا ومصلحة وسياسة و"ثقافة"...

أما التيار الأول (الأفغاني) فلقد أعطى نمط السلفيات الوطنية، ثم الأحزاب الوطنية والديمقراطية... وكلها تعبير عن الطبقة الوسطى العربية الأقوى إرادة على التحرر والاستقلال، بما في ذلك طبعا تلك المرتبطة برأسماليات الدولة الوطنية...

يتضح اليوم أكثر من أي وقت سلف، أن الوطنية شرط لازب للديمقراطية، وأن الذي لا وطنية له، لا يمكن بحال أن يكون ديمقراطيا، وإن عوى بخطاب الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.

ولعل توطين الإسلام جغرافيا، هو أهم مظهر لإصلاحه، وأول شرط في منحى تجديده، وربطه إلى شعوبه وإلى زمن العالم، والذي يحتقر الأوطان، يحتقر الإنسان وإن ادعى الدفاع عنه زورا وبهتانا./.

ع. بلكبير

Share this content:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Share this content: