جميع رواد السلفية والمؤسسين اللاحقيين للوطنية، ثم خاصة قادة المقاومة وجيش التحرير. كانوا نجوما مضيئة في سماء الوطن. يستهدى بأنوارها في الدروب المظلمة لليل الاستعمار والاقطاع الرجعي البغيض، بادروا واجتهدوا، وضحوا واستشهدوا في سبيل الحصول على ما نحن عليه اليوم من مكتسبات، هي على علاتها، لا تقارن بما كان عليه الآباء خلال قرن مضى (أواسط القرن 19 حتى منتصف 20).
غير أنهم مع ذلك يتفاوتون كفاءة ومردودية وتضحية واستمرارية في النضال.
والفقيه المجاهد، والقائد العتيد محمد البصري، يمتاز ويتميز في هذا المنحى عن جميع أقرانه بالكثير جدا من الفضائل والمناقب النادرة النظير، سواء مقارنة إلى زمنه النضالي، أو على المستوى المغربي والمغاربي والعربي...
هذه المذكرات تفصح عن بعض ذلك، الذي أثار ويثير الكثير من الحساسيات والغيرة وحتى العداء من قبل أعداء الوطنية والديمقراطية... والذين لم يقصروا في حربه وفي اصطناع <<منافسين>> لمقامه لعلهم يشوشون على رمزيته وعلى تاريخه وعلى قياديته... لقد كان بحق وحقيق:
- أحد أهم مؤسسي المقاومة وجيش التحرير... ممن استمروا في الحياة بعد الاستقلال.
- 2- والأكثر حذرا منهم في الوقوع في مساقط الاستسلام والمتاجرة، أو التوظيف الشخصي أو الجهوي أو القبلي... أو حتى الرجعي... الإرهابي لسلاح المقاومة بعد الاستقلال ضدا على <<الاستقلال>>.
- في المقابل، فلقد ساهم هو في المحافظة عليه (سلاح المقاومة) مستقلا ومستئنفا لاستكمال تحرير الجنوب الصحراوي ودعم الثورة الجزائرية المغدورة، وقضية فلسطين وعموم حركات التحرر الافريقية والأممية.
- المساهمة في التكيف مع المستجد الاستعماري، وذلك بالتحول السريع نحو النضال الديمقراطي والتنظيم الحزبي والنقابي (العمالي والطلابي – التلاميذي) وجمعيات المجتمع... وتأسيس الصحافة التقدمية... وفي القمة من جميع ذلك، الاستقلال التنظيمي لليسار المغربي، وتأسيس حزبه الخاص (الاتحاد الوطني للقوات الشعبية) بوعي مبكر لرهان <<الكتلة الوطنية أو التاريخية>>.
- وعيه المبكر، إلى جانب رفاقه الأبرار، بأهمية الجبهة الثقافية في المعركة ضدا على الرجعية والاستعمار الفرنكوفوني، ومن تم حمايته للغة الوطنية وفرضها حزبيا ومدنيا. ومن تم رعايته للمثقفين وتجميعهم وتأطيرهم وتوظيفهم في معركة الشعب.
- تطور وعيه الوطني نحو الوحدوي القومي، والديمقراطي نحو البعد الاشتراكي.
- مناقبيته التي بز بها نظراءه جميعا، فهو كان الأكثر تواضعا وشعبية وتقشفا وصدقية ووفاء وتضحية واستمرارية في النضال داخل الوطن وفي المنافي... وذلك في حركة استمرت معه إلى حين استشهاده دون توقف، دون مساومة أو تخادل ودون يأس من شعبه ومن المستقبل.
رحمة الله على الفقيد الشهيد، وشكر لمن قدم لذكراه وذاكرته حفظا أو ترميما أو إضاءة...
د. عبد الصمد بلكبير