انطلق عبد الصمد بلكبير وكوكبته ... في منتصف 1984، في بناء صرح ثقافي عالي المستوى. اعتمد أولا على المقاربة الشمولية للقضايا
مقتطف من مذكرات العربي مفضال - زهرة العمر

Share this content:

عبر السيرة وعظاتها III

د.ع الصمد بلكبير 

من القراءة السابقة للسيرة النبوية المعطاء، يمكن استخلاص ما اعتبره الأهم لحالتنا الراهنة كدروس:

1-النظر الراشد شرط للعمل السديد، الأعظم مردودية والأقل خسارة (الرأي قبل شجاعة الشجعان: أبو تمام)، ثم الارتداد عليه (النظر) بعد التجريب والتنزيل، وذلك بالتمحيص والجرح (=النقد) والتعديل... لإصلاحه عند الحاجة وتقويمه عند الضرورة، فلا شيء ثابت، إلا ما هو خارج الطبيعة والتاريخ (=الله).

2-من شروط النظر، التخطيط البعيـد المـدى، وتحديـد الأهـداف الكبـرى (=الإستراتيجية) ثم تدبيرها وتنزيلها (التاكتيك) في كل حين، وذلك بمرونة، وحسب الشروط والأحوال المتبدلة أبدا، دون انحراف عن المقاصد، 
أو انزلاق عن الأهداف، وكل من يفتقد إلى إستراتيجية تخصه، تتحول حركته موضوعيا إلى خدمة غيره، وقد يكون هذا الغير، خصما له أو حتى عدوا (؟!)

3-إن الجهاد جهادان:

1-جهاد النفس "الإمارة بالسوء" وذلك بنقدها في كل حين، وهو الجهاد "الأفضل" ذلك لأنه شرط 2-جهاد الموضوع والواقع (=إصلاحه و/ أو تغييره..).

من لا يعمل على إصلاح ذاته، لا يستطيع تغيير الواقع أو إصلاحه، في النضال عرق واتساخ، ومن لا يغتسل منهما، يصبح جزءا من الواقع الذي يعمل على تغييره (؟!) في القرآن الكريم، نقدات كثيرة وأحيانا قاسية للرسول r وهذا فضلا عن قانون "النسخ" للكثير من الآيات والأحكام...

4-الثبات على المبادئ والقيم العليا، والمرونة عند الممارسة. الانتهازية انتحار، لأنها مساومة ومراهنة على مكاسب عاجلة وقاصرة، على حساب المقاصد والأهداف... الأكبر والأبعد، أو تحالف مع العدو على حساب خصم (الإخوان مع أمريكا) أو مع خصم على حساب حليف، أو مع هذا الأخير على حساب أخ 
أو شقيق... (؟!)

5-القيادة الجماعية، ورفض الانفراد عند التفكير، بل التشاور والحوار والإنصات... ثم المركزية بعد الحسم وعند اتخاذ القرار الجماعي... والمحاسبة والنقد بعد الانتهاء من تنفيذه. وهذا بعض ما ينعت بـ"المركزية الديمقراطية".

6-الثقة في الناس، السكن بينهم والاشتغال معهم والعمل إلى جانبهم والحضور في أفراحهم وأطراحهم... مصارحتهم ومكاشفتهم في ما هو رئيس، لا في ما هو مناورة وتاكتيك، مما قد يقتضي لإنفاذه الكتمان. والارتباط خاصة بمن في مصلحتهم الإصلاح والتغيير (المستضعفون). لا المتأرجحين، ولا بالأحرى المناوئين (=التماسيح والعفاريت إياهم).

7-الانضباط، إذ "لا رأي لمن لا يطاع" كما استخلص متأخرا، الإمام علي من فشله، مع أنه كان الأقرب. والأول في الإسلام (؟!) والانضباطية تكون أكثر مردودية، إذا كانت واعية وعالمة بالبرنامج وباستراتيجية تنفيذه، لا بالتكتيك والمناورة ضرورة...

8-لا مكان في المعارك العادلة، للغرائزية أو للأمراض النفسية: الأنانية والكراهية والحقد والانتقام وأحرى الهمجية (العنف من أجل العنف) بل للعقل وللمحبة والتسامح والترفع والعفو عند المقدرة... لا في شروط الضعف 
أو الاستضعاف... حيث قد يتطلب الموقف، المكابرة لا التنازل...

9-البعد الإنساني والكوني والاستئنافي للدعوة، فهي محافظة على "الصحف الأولى" جميعا، مستحضرة تراث البشرية كلها، فالله هو "رب العالمين" لا رب "قبيلة" (اليهودية المحرفة) ولا هو بشر منهم، كما حرفت ذلك المسيحية الكنسية والبيزنطية..

10-الدين=الفطرة، وهي تعني: ما به تمكنت البشرية من الاجتماع والخروج من طور "الطبيعة" الحيواني، والمختصرة في: "لا تقتل لا تسرق لا تزن...". أما التدين فهو أمر شخصي، وأما التأول، فهو أمر إيديولوجي – سياسي – تاريخي، طارئ ومتحول في الزمان والمكان... والمواقف منه ذات طبيعة اجتماعية مصلحية 

11-إن أهم صفات الله هي الرحمة والشفقة على عياله من "العالمين" وليس المسلمين فحسب، وكل من يمارس عليهم العنف غير الشرعي وغير المشروع... فهو عدو الله وعدو الإسلام وعدو الرسول r وعدو سنته الطاهرة.

Share this content:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Share this content: