يقول المعلم 4 ما معناه، لو كان الظاهر هو الباطن، لما احتاجت البشرية إلى تأسيس(العلم) إذن البحث و التحليل، متجاوزة به، أنماط المعارف السابقة عليه، و به أفلحت و تقدمت…
و حيث أن ( كل ما هو عقلي فهو واقعي) حسب المعلم 3 ( هيجل) فإنه يصح القول أيضا أن ( كل ما هو واقعي، فهو عقلي) ضرورة،
و في قواعد الجدل أو التناقض، لديه، تمة حالة ( نفي النفي) و هي ذاتها في المنطق الرياضي، المنتوج الموجب، لتضارب سالبين -×-=+
أتصور أن هذا ما يسعفنا في فهم تاريخي لما يحدث سياسيا في الساحة الشامية راهنا، و منذ عقدين على الأقل، نحن بصدد موجة ثانية، لهجوم دولي (2011) إستعماري رجعي و تلمودي شاركت فيه أكثر من 100 دولة و دويلة و حركة دينية و سياسية و أكثر من 600 ألف مرتزق و إرهابي و مخبر و 4000 مليار دولار، و مئات الإذاعات و القنوات و الكتبة و القوالين و السماسرة… و انهزم جمع التوحش الليبرالي ( الجديد) و بإنكساره، توقف المد الرجعي عن الإمتداد نحو لبنان و العراق و اليمن و إيران … و من تم روسيا نفسها و ربما الصين أيضا؟!
وحش العدوان الرأسمالي العالمي لم يتوقف، في المنطقة و خارجها ( في اليمن و السودان… و الأهم على روسيا من أوكرانيا) و استمرت اعينهم على الشام، برهان مزدوج، الإستنوام و الإستجلاب و الإرشاء، مرفوقا بحصار ( قيصر) أخطر حصار شامل في التاريخ، و في ذات الوقت تجييش مرتزقة و إرهاب العالمين، خاصة من الصين و الهند و ما جاورهما
الصمود السوري 15 عاما، مسنودا من لبنان و إيران و العراق و روسيا… هو من قبيل معجزات هذا العصر، و خلال ذلك كانت المقاومتان الشاميتان في فلسطين و لبنان، قد تسلحتا، و تحت القصف الإمبريالي، بما يكفي لإطلاق اليوم المعجز في 7 أوكتوبر، فاتح عصر جديد للعرب و للعالم الراهن، و ارتداداته مستمرة ماتزال، إلى أن ينجز وعده كاملا
ثم جاء (الهروب) التاكتيكي و المدبر سلفا، للرئيس و القائد الوطني العربي بشار الأسد، إنقاذا لشخصه ( و هو ليس بالأمر الهين، مقارنة إلى مخطط الأعداء في استهداف الرؤوس، انطلاقا من ناصر بومدين، ثم صدام و عرفات و القذافي و سليماني و رئيسي، ثم هنية و السنوار و نصر الله…) و الهروب ايضا، بالشرعية الديموقراطية، الوطنية و الدولية، لمنصب الرئيس، حيث هو الآن فارغ في دمشق، إلى ما لا يدرى، و لكنه محفوظ حيث يوجد الرئيس المنتخب شرعيا و المعترف به دوليا
لقد فوت عليهم دفنه تحت انقاض القصر الرئاسي، و من تم إفراغ مقعد الرئاسة، و لكن الأهم أيضا، تفويته عليهم تخريب اول مدينة في العالم (10 آلاف عام) و هم المنتقمون للتوحش، من الحضارة التي انتصرت عليهم هنالك، و منذ ذلك بالضبط؟!
و لقد فوت عليهم بالأحرى، ممارسة سياسة ( تقليل الأفواه) عن طريق حرب إبادة على نمط غزة العزة؟! فغزو دمشق الجريحة، و لم يجدوا امامهم، عن قصد و تدبير، جنديا و لا دبابة، فأسقط في أيديهم، بمن في ذلك أسيادهم في الأطلسي، الذين كانوا، و ما يزالون، يرغبون في قتل و تقتيل، من استقدموهم من إرهابيي العالم المهمش و المفقر من قبل شركاتهم المتغولة و المتوحشة؟
و الأنكى و الأمر بالنسبة للإرهاب الأطلسي-الخليجي و التلمودي، هو تسليمه لسوريا مفلسة تماما، كانت تكابر فقط، لو تركوها لانهارت لوحدها بفعل الحصار، و الإنهاك الذي لحق بداعميها ( إيران ولبنان و روسيا) تضخم و غلاء و فقر و نزيف… لا شبيه له في العالم، و ربما في التاريخ، أجرة الجندي 20 دولارا، و الرصيد من العملة الصعبة 200م دولار و العملة الوطنية في قعر بئر، لقد ترك للتاجر ترومب هدية مسمومة، أرضا يبابا، ستمتص فوائض المشيخات، قبل ان يصل إليها، و إلا فتحرير الشام سيمسي تحريرا لنجد و الحجاز … و ما جاورهما، بعد الأردن ولبنان، من قبل الإيغور و التركمان و الهنود… و لقد خطب في الموضوع، خطيبهم ( الخطيب) في أول خطبة جمعة لهم في دمشق، و رب ضارة تاكتيكيا، نافعة استراتيجيا، و عندئذ، سيفرح المؤمنون؟!
لم يكن انسحاب الرئيس ( هروبا) مرتجلا، مفاجئا، و أحرى جبانا، بل تدبيرا سياسيا و عسكريا، عن سابق قرار و تخطيط، و إليكم الخبر التالي :
عندما كانت سوريا تحتضن pkk و مؤسسه أوجلان، صرح أوردوغان، زمن حافظ الأسد، بعزمه على غزو سوريا لإعتقاله، و مباشرة استقل حافظ طائرة نحو مبارك في القاهرة و طلب منه أن يخبر أوردوغان، بأنه إذا اخترق الحدود السورية، فإنه لن يجد أمامه جنديا او شرطيا او دبابة، بل فقط شعبا مدنيا سيقاومه ليل نهار بوسائله، و ذلك فضلا عن الأمم المتحدة و القوانين الدولية…إلخ و تراجع الجيش التركي عن تهديده، و حل المشكل بوسائل أخرى أسلم للدولتين و الشعبين؟!
لو كان للشهيد صدام نفس الوعي الإستراتيجي، لتصرف تصرفا آخر، و لما سقط، حيث أراد له الأطلسي أن يسقط، و كانت المآسي المستمرة حتى يومه في العراق الممزق
و المؤرخون الجدد بفرنسا، راجعوا الموقف من ( بيتان) و لم يعد لذلك يعتبر جبانا، و أحرى خائنا، حيث أنقذ باستسلامه ( و بشار لم يستسلم) مدينة باريس، التي تستقدم سنويا حوالي 100 مليون زائر، للتمتع بجمالها و عمرانها.. و دمشق لا تقل عنها في ذلك، و هي أغنى بتراثها التاريخي العريق، من أي بقعة في العالم إطلاقا، و شكرا له على صنيعه، الذي حرم سماسرة العالم من نهب و تهريب كنوز حضارات العالم المؤسسة للدين و للعلم و للمدنية و السياسة و الثقافة…
قبل ذلك التاريخ، كانت معركة ( مؤتة) التي استشهد فيها قوادها الصحابة الثلاث، المعينون من قبل الرسول، و الذين لم يجتهدوا في فهم أوامره، فتصدى للأمر (خالد بن الوليد) و خطط لإنسحاب استراتيجي، ينقذ من بقي حيا من الصحابة، و بذلك دخل التاريخين الإسلامي و العسكري، كأعظم قائد حربي، لا ينازعه عليه سوى: المقدوني و يوسف بن تاشفين
و لعلنا نعثر في التاريخ السياسي و العسكري الوطني، أمثلة تكاد تطابق النازلة الشامية، فعندما قام م،ع،الحفيظ، مع فقهاء ابن يوسف بمراكش ب( الثورة) على أخيه، فوجئ بما لم يكن على علم به، مقارنة بأخيه الملك، وجد حكمه بين خيارين استعماريين، أن يتخلى عن السيادة، أو عن الوحدة الترابية للمملكة، إذا هو اختار المقاومة، سيحكم الرباط و سلا و القنيطرة و البيضاء في الأقصى، و يتوزع الباقي بين دويلات كما حدث لاحقا في الشام و غيره، لقد تخلت عنه القبائل و احتمى التجار بالأجنبي، فالتفت إلى صدره الأعظم، قائلا، إذا كانت الحماية مفيدة للبعض، فلماذا لا نعممها على الجميع، لقد فضل التضحية بالسيادة، لأنها تخصه وحده و عائلته، عوض التضحية بوحدة المملكة، مقدرا، عن حق، أن السيادة إذا ضاعت، يمكن أن تسترجع، و ليس الأمر كذلك
Share this content: