انطلق عبد الصمد بلكبير وكوكبته ... في منتصف 1984، في بناء صرح ثقافي عالي المستوى. اعتمد أولا على المقاربة الشمولية للقضايا
مقتطف من مذكرات العربي مفضال - زهرة العمر

Share this content:

(أمريكا) تسلح الكيان، و(أمريكا) تطعم الغزيين، وتعرقل الهجوم على رفح؟!

من العنوان، تبدو أمريكا جهة واحدة، ولكنها، إما:

  1. متناقضة
  2. مرتبكة
  3. مزدوجة ومنافقة
  4. تناور وتبالغ في التكتكة

هذه عمومًا تفسيرات الإعلام للسلوك الرسمي الأمريكي ومرجعها الفكري جميعًا، على تعدد تأويلاتها، هو واحد في الحقيقة، وهو منطقها الصوري (الأرسطي) العتيق جدًا والمتجاوز علميًا وفلسفيًا. ذلك لأنه يتصور أن أمريكا الإدارة والاقتصاد والسياسة هي واحدة، موحدة ومنسجمة. وهذا غير صحيح مطلقًا، لأن وحدتها الراهنة والغالبة على تاريخها هي وحدة تناقضاتها، لا تطابقها، المستحيل منطقيًا وواقعيًا.

إذن فإن السلوك السياسي لإدارتها سيعكس حتماً ذلك الواقع لوحدة تناقضاتها، لأن احتمال استحالة وحدة تناقضاتها لن يعني سوى انفجارها الداخلي في شكل حرب أهلية، كما حصل لها في القرن التاسع عشر بين بورجوازية شمالها الصناعي وبورجوازية جنوبها الفلاحي، والذي انتهى بانتصار الأولى وتعميم نمطها، رغم تعدد وتناقض مكوناتها (مالية، صناعية، عقارية، تجارية، فلاحية...) ولكنها القابلة للوحدة، رغم التناقض، بل وبسبب التناقض. ذلك لأن الوحدة هي أصلاً وحدة تناقضات، لا تطابقها وانسجامها، إذ المنسجم لا يحتاج إلى أن يتحد مع ذاته!

لا يتعلق الأمر إذن بتفسير أخلاقي (=نفاق) ولا سيكولوجي (تردد أو ازدواجية) ولا عسكري (مناورة)، ولا بالأحرى مسألة قرب الانتخابات الرئاسية، بل أساسًا بسبب إرادة عدم التصادم، وإرادة استمرار التوازن بين مصالح المجمعين الصناعيين، الحربي (يمثله التلموديون في الحكم) والمدني (يمثله الصهاينة في شوارع) الكيان وفي العالم.

الإعلام السائد لا يسمح لهذا المنهج الموضوعي في التحليل بالظهور، وذلك بسبب نمط تكوين الصحفيين، أو، وهو الأرجح، ارتباط المؤسسة الإعلامية بمصالح واستراتيجية الدولة التي تمولها. وفي الحالتين، فإن المتلقي والحقيقة هما الخاسران دائمًا.

هذه الملاحظة المركزية لا تخص الإعلام التابع والممول من قبل الاستعمار والرجعية العربية، وهو عموماً معروف، بل تعم الإعلام المناضل أيضًا مثل حالة (الميادين).

د. ع. بلكبير، 12/5/2024

Share this content:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Share this content: