انطلق عبد الصمد بلكبير وكوكبته ... في منتصف 1984، في بناء صرح ثقافي عالي المستوى. اعتمد أولا على المقاربة الشمولية للقضايا
مقتطف من مذكرات العربي مفضال - زهرة العمر

Share this content:

23 مارس

لعل أهم أداة لضمان شروط البناء والحوار والعلاقات "الديمقراطية" في الحياة الحزبية الداخلية بين الأعضاء، والخارجية في العلاقة مع المحيط المؤيد وعموم المواطنين. هي الصحافة الحزبية، الخاصة الداخلية، أو العامة الجماهيرية، أو المشتركة. وهي كانت حالة جريدة (23 مارس). 

ليست الأحزاب وحدها من يلزمها اعتماد الكتابة في الاتصال والتواصل، والتفاعل بالإبلاغ والتلقي والحوار... بل إن إدارات الدول، هي أيضا تقوم على ذلك، وليست الأحزاب في آخر المطاف سوى مدارس ومشاريع اجتماعية لإدارات سياسية للدولة. 

واليسار، الذي وصف بـ "الجديد" في شروط تأسيسه، مستهل السبعينيات، راهن، وربما أكثر  من غيره من سابقيه، على هذه الأداة، سواء في حياته الداخلية، أو في علاقته بالمواطنين، بمختلف فئاتهم وقطاعات اجتماعهم، ومدنهم وقراهم. وما كان لفكره الجديد أو المتجدد، أن يصل وينتشر بسرعة فائقة بغير ذلك. خاصة في صفوف المؤهلين له، وصفوف المحتاجين إلى خطابه وإلى برامجه وأهدافه وطرق عمله. ولقد أنجز الكثير جدا في هذا السبيل. الأمر الذي ساهم عن طريقه، في محصلة ما تراكم من فكر الحداثة والتحديث، منذ انطلاقه على أيدي الرواد المؤسسين للحركات السلفية، ثم الوطنية والديمقراطية ثم الاشتراكية، مضيفا إلى كل ذلك رصيدا لاشك في جدته ونضاليته ومردوديته... 

لم يستسغ الاستعمار، ولم يستسغ عملاؤه في الإدارة، ذلك المد للفكر المتنور ولحركات المجتمع التنظيمية والنضالية، خاصة في أوساط المتعلمين ومؤسساتهم النقابية والثقافية. فخططوا، ثم دبروا لاجتثاثه ماديا (1972-1974..) واعتقال رموزه وقياداته، وتشجيع وتمويل أخصامه ، وتوظيف الدين والتدين، إيديولوجيا وسياسيا لأجل ذلك، وتشكيل جمعيات جهوية وأحزاب إدارية للاستعراض، في مشهد "ديمقراطي" مزيف.

وفي شروط الاعتقالات والاضطرار للدخول في حيوات سرية والمنفى... صدرت في باريس جريدة "23 مارس" (1975)، وذلك لاستكمال واستئناف مسيرة النشرات السياسية والنقابية والثقافية.... (السرية غالبا) التي صدرت قبلها، وبالموازاة لصدورها. والتزمت جميعها تحقيق ذات الأهداف الفكرية والسياسية: نشر الوعي العلمي والنقدي والتاريخي/ الدعوة للديمقراطية وللاشتراكية/ تحرير المرأة/ استنهاض الشباب وعموم الطبقة العاملة/ تشجيع إنتاج ثقافة جديدة في الآداب والفنون جميعا (شعر- قصة ورواية- مسرح وسينما- موسيقى وغناء...)... ثم قضية فلسطين والاتحاد والوحدة المغاربية والعربية...إلخ. وفي نفس الوقت محاربة الانحرافات الإيديولوجية اليسروية: الانقلابية- الشعبوية- والفوضوية... فضلا عن مناهضة الرجعيات والاستعمار (=الفرنكفونية). 

بدرجات عالية من التضحية ومن التفرغ ومن التجرد والسمو الأخلاقي، تمكن اليسار الجديد، من الحفاظ على التراث الوطني للعمل النضالي النبيل، بعيدا عن الانتهازية وعن الوصولية، وعن الارتزاق والتجارة في السياسة... فكان لابد لذلك من استمرار الإجهاز عليه: محاصرة ومنعا واختراقا وتفقيرا وإغراءا... فأضحى بدون لسان وبدون أظافر... وهو شرط خلو الميدان /لصحافة، هي في عمومها، غير مناضلة ولا متخلقة، ولجمعيات "مدنية" و"دينية" ونقابات وأحزاب، تتأسس، أو يعاد تأسيها، لتكريس ذات الأوضاع. 

منعة المجتمع، تتجلى في مقاومته، السلبية حتى الآن، لجميع ذلك، المطلوب مرة أخرى تصحيح الوضع، بنفس ما وقع تصحيحه به سابقا، سواء في التأسيس السلفي، أو البناء الوطني- الديمقراطي، أو التشييد اليساري: كتابة جديدة، بوعي متجدد، لأوضاع محلية وإقليمية وعالمية... ترتد يوميا نحو الفوضى والفتن والحروب والإرهاب...

 ليتم ذلك تحت شعار: "اشتراكية، أو همجية: "ليبرالية" أو "متدينة" سيان.   

ع. الصمد بلكبير 

Share this content:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Share this content: