د.ع الصمد بلكبير
بلاغة الخطابات، لا تتحصىن عند مقاصد منتجيها ، بل هي تخضع لتأويلات المستهلك .. ذلك حسب حاجياته منها ، او بالأحرى حسب وعيه بتلك الحاجيات ، وقد يكون وعيه مزيفا او مغلوطا ومقلوبا
من ذلك مثلا " المثل السائر " في مايسمى بالآداب الشعبية وهو صيغة حوار ثنائي بين سائل ومسؤول :
ـ آش خاصك ألعريان ؟
ـ خاتم آمولاي
الايدولوجيا الطبقية ( الإقطاعية في هذه الحالة ) تقضي، بان يتم الضحك والاستهزاء من بؤس وعي المسؤول، والذي يعكس بؤسه المادي كقن ، وهو ماتتحدث عنه أطروحة نيتشه حول ، اخلاق العبيد " الذين يضاعفون من تقليد الأسياد والتشبه بهم ، ظنا منهم (موحى إليهم) أنهم بذلك سيصبحون اسيادا ايضا ، هم لايعون ، ولا يمكنهم ذلك، أن الأمر موضوعي وناتج عن علاقات انتاج مادية ،لا عن خلق او تخلق .
" المولى " من الكلمات ، او المصطلحات ، الأضداد فهي تعني السيد والعبد( او القن) وهو أمر قد يعكس واقعا ، أليس "حاذي الأينق " يتقدمها و"خادم القوم سيدهم " ؟
اللغة هي بقدر ما يسعى مستعملها إلى التخفي بها عن مصالحه عن طريق البلاغة ، بقدر ما تفضحه وتعريه أيضا ، إننا بقدر ما نستعمل اللغة ، تستعملنا أيضا وهنا يكمن بعض المعنى الموضوعي للايدولوجيا و للتاريخ كمعطيات مستقلة ولا تخضع للرغبات الذاتية او الشخصية .
في قراءة اخرى نافذة وحصيفة فإن الذي يستحق الضحك والاستهزاء في المثل السابق ، هو المولى (=السيد) السائل ،فهو يعاين المولى المسؤول عاريا ويصفه بالعري ، ومع ذلك فهو يسأله عن احتياجاته( ؟ !) هو إذن يرى ولا يرى يتكلم ولا يقول شيئا ،مرفوع عن الواقع ،ابله .. ولذلك لم يستحق من " العريان " سوى التهكم والسخرية
في ميزان قوى ايديولوجي ( = بلاغي) مختلف ،ينقلب المعنى وتستحيل الدلالات المقصودة الى نقيضها، الأمر إذن لايتصل بمنتج ومستهلك، بل .بمحيط ثقافي وسياسي : سوي وعادل او مختل وظالم ... هو مايحسم صراع الايديولوجيات والتأويلات....
***
اسأل " دعاة " الفلكلورا" والذين يخلطونه بالثقافة ، مع من سيتعاطفون في المثل السابق؟ وعلى من سيضحكون ؟أم انه ضعف الطالب والمطلوب" وداعية الفلكلور أيضا "
Share this content: