انطلق عبد الصمد بلكبير وكوكبته ... في منتصف 1984، في بناء صرح ثقافي عالي المستوى. اعتمد أولا على المقاربة الشمولية للقضايا
مقتطف من مذكرات العربي مفضال - زهرة العمر

Share this content:

في حوار الأميــر

                                                          ع. الصمد بلكبير

في نقاش الأمير هشام حرج ناتج عن التباسات: 

1-الوضع الاجتماعي-السياسي، والمواقف المتميزة، ولعلها موروثة، والتي قد تبدو وكأنها عائلية، وأحيانا حتى شخصية، للأمير. فهو يقدم كما لو كان مظلوما ومستهدفا، ولعله أيضا موتور، فتتداخل لذلك شروط الشخص بموضوعات الكتابة وأهدافها (؟!)

2-تقصد البعض، أن يؤطر كتاباته ويوظفها خارج مضمونها، فأثر لذلك صبغه بـ"الأحمر"، على قراءة نصوصه، والحال أنه لم يكتسب بعد، وحتى اليوم، لونا بالذات.

3-إن الأمير فاجأ انتظارات الناس منه، وذلك من حيث عدم انسجام وسائله مع غاياته المعلنة، فـ"منطق" سياسة المصلحة الوطنية، كان يقتضي في العرف السائد استثمار موقعه بطريقة مختلفة، أكثر جدوى وأقل خسارة، وإلا فهو يكرر خطأ السابقين إلى الدرب الذي اختاره، والذين سهلوا بسلوكهم، استمرار الإدارة الاستعمارية واستمرار حكم حلفائها والاتباع.

4-إن بعض الأشخاص الذين ربطوا أسماءهم بشخص الأمير ومواقفه، (وربما تمويلاته أيضا) عن صدق أو انتهاز أو تخذيل... ربما أساءوا إلى صورته وبالتالي نصوصه..

5-يجب علي التصريح، أنني كغيري أتعاطف مع المواقف والنوايا المعلنة للأمير، غير أن وعيها وتصريفها السياسيين وخلفياتها الفكرية. أمر آخر، هو ما سيحاول هذا الحوار، الوقوف عند بعضه بمناسبة مقالته "المثقفون العرب بين الأصوليات والدول".

6-درءا لاحتمال تحول الحوار إلى جدال، أربأ بنفسي وبالأمير عن الانزلاق إليه، أفضل أن تكون صيغته فكرية لا سياسية وإيجابية لا سجالية.

*             *             *

مرجعي هو النص المنشور للمقالة باللغة العربية. ولا أدري فيما إذا كان الكاتب يتحمل مسؤوليتها كاملة. النقاش إذن هو للنص أكثر منه لصاحبه، خاصة وثمة أكثر من قرينة على أن الترجمة غير موثقة.

1-على نمط أغلب كتابات الاستشراق التي ينتقدها هو نفسه، لا نستطيع فك الارتباط في المقالة بين ما هو وصف أو إخبار أو تحليل ومواقف الكاتب، وهو أمر يربك النقاش ويعكر وضوحه المطلوب (المسألة اللغوية مثلا) 

2-عدم ضبط حدود المكان وحدود الزمن موضوع أطروحته، فهو بالرغم من حديثه عن "القرنين الأخيرين" إلا أن بعض استشهاداته تعود إلى عصر "علم الكلام" مثلا.

3-إذ كانت المفاهيم هي مفاتيح كل فكر، وكانت المصطلحات هي عناوينها.. فثمة تشوش كبير على هذا المستوى، التعميم، ومن ذلك مثلا:

أ-مصطلح "الإسلام" فسواء أكان إسلام الواقع أو إسلام التاريخ أو إسلام النص.. فليس هنالك انسجام أو تطابق.. بل على العكس، ثمة ما لا حصر لعدده من التأويلات ومن الممارسات ومن المفهومات... فعـن أي إسـلام يتصـل الموضوع...(؟!) 

ب-"العرب" بأي معنى: "عرقي" وهو أمر لا قيمة له علميا وتاريخيا وواقعا (مصطلح استعماري-عنصري في جذوره).

"من يتكلم العربية" وهو التعريف النبوي للمصطلح. 

أم هم المستوطنون في جغرافيا (طبيعية، اقتصادية، بشرية...) محددة، وهذا يشمل الكثيرين... وذلك تماما كما نقول عن الهنود أو الصينيين أنهم كذلك مع أنهم شعوب وأديان ولغات... أو عن الألزاس...إنها فرنسية، رغم اختلاف لغتهم...

ت-"البورجوازية" (العربية): وهذه حالات وتناقضات، أهمها اليوم: 

ت/1-تلك المرتبطة منها بإدارات دولها، من تم بالسوق والمصالح المعولمة لاستراتيجية الرأسمالية الأمبريالية، وهي اليوم السائدة والحاكمة، وأوصافها لا حصر لها (وسيطة، طفيلية، تابعة...) 

ت/2-من تتناقض مصالحها مع هيمنة و/أو سيطرة رأسمال الأجنبي (=الاستعمار) وحليفه أو تابعه في الداخل (=الاستبداد) وهذه عموما من تستحق نعتها بالوطنية (قومية و/أو إسلامية) وهي من انهزم كإدارة (مصر – العراق والجزائر) غير أنها تنبعث مجددا في المجتمع بقميص إسلامي غالبا، وهي في صعود وانتشار، وتنجح حيثما وكيفما توسلت سياسيا (بالانتخابات، بالانتفاضة، بالانقلاب وبالمقاومة الوطنية...) 

4-ثمة تشوش مصطلحي، وذلك مثلا عند إيراد مصطلحات متعددة لمفهوم واحد، مثلا: الإسلاميون / الأصوليون / السلفية / المتطرفون(؟!) 

وأخرى يقع الخلط بين مفهومين أو مرحلتين، في تاريخ ذات المصطلح من ذلك "السلفية" فهذه اليوم غيرها في القرنين السابقين: 

أ-لم تكن سلفية العصر العربي الحديث سوى إيديولوجيا الحداثة معربة أو مسوغة تراثيا (علي لفولتير /ابن مسكويه وأخوان الصفا... لداروين / ابن خلدون لكونت...إلخ) وهي من أسس للمجتمع المدني العربي (الأحزاب – النقابات – الصحافة – المدارس الحرة- الأدب والإصلاح اللغوي...) ولم تكن في ذلك سوى"مقلدة" للحاضر الغربي، لا لماضيها بالأحرى. صنيع أمها أو شقيقتها الأوربية، والتي عمدت هي قبلها، ومن أجل المستقبل إلى العودة نحو الماضي اليوناني (المادية – العقلانية...) والروماني (القانون بديلا للشريعة) واليهودي... سبيلا للنهوض ثم للتنوير ثم للثورة (في فرنسا كانت ذروتها) ما يسمى بالتاريخ المستعار أو الاستعاري...

ب-أما السلفية المعاصرة، وهي بعد في طور "مفاجئاتها"، فهي محاولة إنقاذ لفشل السابقة عليها في المقاومة، كما في المصالحة مع الرأسمالية الاستعمارية (الغرب شجعها ثم خذلها)، ولذلك تعود القهقرى نحو ماض أعرق للدين وللتراث، نحو الفطرة، نحو الجسد، نحو العفوية، نحو الشفوية، ونحو التضحية (=القربان).

في الحالتين، فلم تكن السلفية ولا هي اليوم، أرتوذوكسية إلا صوريا ومن أجل التسويغ واكتساب الشرعية ليس غير.

وتكون الرجعة أعرق، كلما كانت إرادة القفز أبعد (؟!).

5-مسألة الثقافة، ومن ثم المثقفين، تطرح مسألة التداخل. 

ثمة تداخل لمستويات حقل ومفهوم الثقافة في المقال، فهذا المصطلح لمفهوم أدلوجي ملتبس جدا، ويحتاج إلى تدقيق في كل حين وكل حالة.

يمكن، وربما يجب، التمييز بين مستويات ثلاثة له على الأقل: 

1-الثقافة بإطلاق أو بإضافة صفة "العالمة" وهذه ظاهرة: تاريخية /واعية/ نخبوية/كتابية / تراكمية/ ذات بعد إنساني وعالمي /مكتسبة / هادفة...إلخ.

2-الثقافة الشعبية بمعنى الفلكلور وهي: موروثة /لا تاريخية / طبيعية (=جغرافية) (ثقافة الجبل غيرها في السهل والساحل والصحراء والغابة والجليد...) معاشية/سلوكية / عفوية / شفوية / شكلية...إلخ.

3-الثقافة الجماهيرية: وتكمن خصوصيتها في وسائلها (=رسائلها): إذاعة – تلفزة – سينما – كاسيت – مهرجان...إلخ.

لاشك أن بين هذه المستويات علاقة بل علاقات، ولكن العلاقة لا تتم إلا بين منفصلين، الأمر الذي يعني تميزها عن بعض.. وهو ما لا نلمس أثرا له في المقالة.

6-ينعكس ذلك على مستوى مفهوم "المثقف" والذي هو ظاهرة مرتبطة تاريخيا بالقرن 17 الأوربي (التاريخ العربي لم يدرس بعد..) وذلك عندما تمكن المجتمع (=البورجوازية) من توفير الاستقلال المادي، لحامل سلاح المعرفة، عن إدارة الدولة. وأضحت المعرفة لذلك، ولأول مرة، في خدمة المجتمع ولمصلحة أهدافه في تغيير إدارة الدولة.. وذلك بعد أن كانت في خدمة الدولة حصرا، تكرس ولا تغير، تزكى ولا تنتقد، تسوغ ولا تكشف...

منذ محمد بن ع. الوهاب والأفغاني والكواكبي... مرورا بطه حسين وعلال الفاسي وجبران ومحفوظ والمجاطي ودرويش...إلخ كل ذلك التاريخ من صراع الفكر والصحافة والرواية والمسرح والقصة والسينما...إلخ هو تاريخ ثقافة ومثقفي المجتمع بقيادة طبقته الوسطى المواطنة والمناضلة... انتهى اليوم إلى الإخفاق الاقتصادي-الاجتماعي، الثقافي-السياسي... قبل العسكري.

ليست المسألة سيكولوجية إذن (جبن، انتهاز...) بل اجتماعية-تاريخية بالأحرى، انهزام طبقة لا نخبة، ونهاية مرحلة لا نهاية التاريخ.

ملاحظة: ينبعث اليوم "مثقف" عضوي جديد: فطري-شفوي-شعبوي-أقل عقلانية – أكثر حركية –ذاكرته متخففة من التراث– وتأويلاته له، تخضع لمطالبه منه (=خياله) باختصار فهو أمي، نسبة إلى البعد الأنثوي في الأم لا الذكوري في ثقافة آبائنا جميعهم... هذا النموذج المعاصر، هو اليوم العدو الألذ للاستعمار، كما للاستبداد...

7-بعض أزمات مناهج المعرفة والعلم، تقتضي اليوم تداخلها واستفادة بعضها من بعض ومن الثخوم المشتركة فيما بينها، يتم ذلك عند اقتضاء الحاجة لا المزاج كما في المقالة، من ذلك: 

أ-استعارة المقالة لمفهوم ازدواج الشخصية من حقله المخصوص والمرضي، لوصف حالة اجتماعية تفسيرها متيسر وأفيد وإيجابي بغير ذلك.

-فالصراع قانون عام يحكم شروط قرارات وسلوكات الأفراد فضلا عن المجتمعات والدول... وهو لذلك ليس مرضا.

-نحن مجتمعات في طور انتقال، وهو ما يعني ضرورة استمرار تساكن قديم يتشبث بالاستمرار ولا يجد من يكنسه، أو حتى جثة لا تجد من يقبرها، ووليد يتخلق لا يجد قابلة تخفف آلام المخاض وتسرع بالوضع، هذه حالنا وهي ليست شيزوفرينيا.

-ومن مظاهر الوضع التبعي لطبقتنا الوسطى، هذه الازدواجية الثقافية، والتي تفرض عليها الجمع بين نقيضين تسميهما: الأصالة والمعاصرة، فتستعمل الأولى لضبط الجماهير والثانية لترسيخ التبعية. وهو تمزق قاتل، ما زلنا نعاين عواقبه الكارثية في الجارة الشقيقة.

ب-أما عن مسألة النزعة الفردانية، فهي في شروطنا (عكس الغرب) ليست أنانية في العمق، بل ردا وتجاوزا، متطرفا ربما، لجماعية مجتمع، لم يكن يشجع على بروزها (عائلي – عشائري – قبلي – طائفي...إلخ). وربما كان الخطأ في الترجمة، فالفردانية حالة ثقافية-سيكولوجية، في حين تعتبر الأنانية خلة أخلاقية.

8-افتراض الانسجام في ما يحتوي التناقض أو العكس، ومن ذلك اعتبار المقالة للتحالف وكأنه يلغي التناقض، والحال أن المختلف هو من يمكن عقد التحالف بين أطرافه، أما المؤتلف فهو لا يحتاج إلى ذلك، ما يعني أنه إذا انعقد فهو بالضرورة مؤقت، ديناميي جدلي... بمعنى أن طرفيه أو أطرافه، تنتهي كل منها، إلى غير الشروط التي انطلقت منها، تمسى غير ذاتها "الأصلية". 

9-ثم نأتي إلى قضية القضايا: المسألة اللغوية، وهي اليوم من أعقدها، ويتداخل في موضوعها: الأجنبي والجاهل والمغرض... بالمختص.. ويبدو الأمير فيها مستعرضا ومضمنا موقفه خلال ذلك عرضا، ويجب بالمناسبة توضيح التالي:

1-إن "الفصاحة" في اللغة، تعني المستوى الوسيط لها، والرسمي لذلك، والتي لا تستطيع الجماعات اللغوية الوطنية، التفاهم في ما بينها دون المرور منه، وهذا قانون يشمل جميع لغات الدول.

2-اللغة العربية الفصحى (أو الكلاسية أو الوسيطة..) لم تكن وليست هي اليوم لغة القرآن الكريم (مع أنه مرجعها الأهم) ففصاحة العصر العباسي ليست فصاحة العصر الوسيط المجهضة وليست بالأحرى العربية المعاصرة (لغة أدب طه حسين ومحفوظ ونزار... وخاصة الصحافة).

3-عندما دخل الإسلام المغرب، اختلف اختيارهم اللغوي عن الشعوب الأخرى المماثلة (مصر-فارس-تركيا) حيث تبنوا الفصحى للمدرسة والإدارة والأمازيغية للحياة الأسرية، والحرف العربي لكتابتها، والمغربية للتواصل المجتمعي الوطني وللتعبير أيضا.  

4-أكثر من اللغة المقطعية (الصينية مثلا) تسمح العربية الفصحى اليوم بالاتصال المباشر، ودون وسيط، وللمراهق حتى، بذاكرة تعود إلى أكثر من 1400 عام. وهو غنى للذاكرة واستقلالية للشخصية... لا تتوفر في عالم اليوم لأي من شعوبه المعاصرة (بما في ذلك العبرية).

5-إن أكثر الدارجات العربية المعاصرة، ليست كما يعتقد الكثيرون خطأ، تطورا أو حتى "فسادا" لفصحى أصلية، إنها بالأحرى لغات قديمة، بل هي أعرق من الفصحى نفسها والتي لم تكن سوى منتوج مركب ومصطنع منها.

6-وهو ما يعني أن دعوة البعض اليوم، لاستخراج فصحى من الدارجة، هو الأمر بالضبط الذي قام به الأقدمون ثم الأوسطون ثم المعاصرون العرب، مع ملاحظة: أنهم ادخلوا في اعتبارهم لهجات متعددة وأيضا لغات شعوب أخرى.

7-إذا كان مقصود البعض هو الإصلاح اللغوي، فإنهم يخطئون التعبير عن مقاصدهم حينما يعتبرون الدعوة إلى الدارجة سبيلهم إلى ذلك، إنهم يشوشون على المعركة، ويخلطون بين أطراف الصراع فيها، ويضيعون عليهم الأهداف ويضاعفون الأعداء.

8-دعاة الدارجة المغرضون، ومنذ تأسيس الدعوة من قبل آبائهم في الاستشراق الاستعماري، يتقصدون فصلين وعزلين للشعوب العربية:

أ-عن ذاكرتها الثقافية والحضارية والدينية... ما يفقر خيالها ويحبط طموحاتها ويسمح بتشويه وتتفيه شخصيتها واستتباعها والتقرير الخارجي لمصائرها (=العدمية التاريخية).

ب-عن امتدادها الجغرافي (الطبيعي-الاقتصادي-البشري...) العربي، والذي بدونه لا نستطيع مواجهة تحديات ما يسمونه العولمة. واسمه الحقيقي هو: الاستعمار والامبريالية (=الانعزالية القطرية).

9-إذا كانت قضيتنا الوطنية والقومية اليوم هي إنجاح الانتقال نحو الديمقراطية (=الحداثة الحق) فإن الإصلاح الديني يعتبر شرطها (تجريد إدارة الدولة من سلطة الدين وتمكينها للمجتمع) وهذا يتعذر دون إصلاح لغوي.

10-في التاريخ المعاين، فإن الإصلاحات اللغوية الكبرى، كانت دائما منتوج الشعوب بقيادة نخبها، ثم إقرار إدارات دولها لها تلقائيا أو تحت الضغط أو هما معا... وهو أمر حاصل اليوم جزئيا على مستوى الممارسات اللغوية العربية.

11-ما نحن بحاجة إليه إذن في هذا الباب، كما في أبواب التنمية والتحرر والديمقراطية... هو افتقاد القرار العربي الواحد والموحد... فالتأخر عن إقرار إصلاحات لغوية قطرية، هو أهون من تكريس القطرية وتأخر الوحدة، ومضاعفة أعبائها، إنه بالأحرى امتياز عربي قل نظيره في العالم المعاصر، وهو بعض مما يفسر تقدم أمريكا وتعثر أوربا التي يصرف اتحادها ثلث ميزانيته على ترجمة وثائقه إلى لغات شعوبه التي كانت في وقت ما موحدة (=اللاتينية).

12-يتأكد اليوم أن الشرط الأنسب، بل والإطار الضروري لجميع أنواع الإصلاحات (سياسية-دينية-لغوية وثقافية...)، هو بناء الولايات المتحدة العربية (لا العروبية).   

10-بقيت مسألة المهرجانات، وهي تدخل ضمن ما يصطلح عليه بالثقافة الجماهيرية، أقول لا دفاعا بل توضيحا،

أ-إنها ظاهرة عالمية، وهي في أكثرها استجابة من قبل إدارتي المجتمع المدني (البلديات) والدولة، لحق الناس في لقاء بعضهم البعض وتواصلهم الحميمي وفي المتعة الجسدية (الرقص والسماع) وهي تكاد تكون الصيغة الحداثية لنمط المواسيم الدينية-التجارية-الاجتماعية (=الزواج) في القديم والوسيط.

ب-إعادة إنتاج وتوظيف عصري للتراث. الصوفي مثلا في حالة فاس والافريقي في حالة الصويرة...الخ ومن حيث المبدأ فهذا سعي محمود خاصة بالنسبة للمكون الزنجي والبعد الإفريقي للمغرب وللمغاربة.

ت-هي استثمار سياحي بمضمون ثقافي، وهذا نمط مما تجب الدعوة إليه في كل سياحة تتغيى تواصل وحوار الجهات الوطنية والثقافات العالمية.

أما حول نوعية المنشطين والشروط المرافقة للاحتفالات... فهذه مما ينعقد الإجماع الوطني المواطن، على التحفظ من أحوالها الراهنة.

11-أما مسألة الإفطار العلني لرمضان... فلعلها تكشف عن شرود الأمير زمنا ومكانا. وإلا فإن النقاش الصحفي الذي أثير حول الموضوع أوضح أن القانون، "الحداثي" الموروث عن الاحتلال الفرنسي لا الشريعة، هو الذي طبقت مقتضياته، وهو تشريع من قبل عقلاء فرنسا لحماية سفهائها، ممن قد لا ينتبهون، أو قد يتقصدون استفزاز "الأهالي" أثناء صيامهم، وما قد يجره ذلك عليهم من ردود فعل لا تحمد عقباها، لقد كان المعمرون أرحم بالمغاربة وبأنفسهم، من بعض "مواطنينا" غير البارين بآبائهم وبالوطن، وإلا فإن الإسلام هو أكبر من أن يعبأ بسارق لقمة أو جرعة في مسكنه الحرام على غيره.  

خلاصة: 

1-في جدل أو ازدواج البعدين: الديني "السلفي" والحداثي لإدارة الدولة. فإن الأخير هو من يوظف الأول لمصلحته، لا العكس. ما تشيعه الدول وتمارسه هو الأيديولوجيا والسياسة لا الدين، الذي هو محض مشحب أو قناع بالنسبة لها، والمعضلة هنا تكمن في سؤال، أية حداثة: للتحرير والديمقراطية ؟ أم للاستبداد والتبعية ؟ 

2-في محاولتهم باسم المجتمع لانتزاع المشروعية الدينية من إدارة الدولة، يشتغل السلفيون موضوعيا من أجل تحريرها (الدولة) من استعماله (=الدين)، ومن تم يدفعون بها إلى البحث عن مصدر آخر للمشروعية، والتي ليست هي اليوم سوى الديمقراطية أي الحكم باسم الشعب لا باسم الله.

ولطالما تولد الجديد من صراع قديمين.

                                          مراكش في 04/10/2010

Share this content:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Share this content: