ع . الصمد بلكبير
خذلت الطبقة الوسطى في المغرب إدارة دولتها المركزية ولم تسعفها في مواجهة النزعات القبلية الانعزالية في البادية (السيبة) المدعومة أجنبيا بل إنها هي أيضا احتمت ضدا عليها ( الدولة ) بنفس الاستعمار الأجنبي وبذلك أرغمت الدولة على الخضوع لاتفاقيةا لحماية (30/30/1912 ) بديلا عن مقاومة لم تكن متاحة ، وبذلك ضحى الملك عبد الحفيظ بشرعيته الشخصية حفاظا منه على استمرارية الدولة العلوية ، ونتيجة لذلك اضرب عن الحكم واعلن العصيان ثم طلب الاستعفاء و المنفى الاختياري ، حيث سيتأمل التجربة ويستخلص منها أن" داء العطب قديم" وهو نقذه الذاتي الذي لم ينشر بعد....
يبدو أن تلك الخلاصة لا تخص المغرب ، بل تعم غيره من الأقطار العربية الإسلامية، وذلك على الأقل منذ أن اختارت بعض نخبها المؤثرة والمدعومة أجنبيا ليبرالية ( مسيحيين خاصة) وإسلامية ( الوهابيين ـ ابن باديس ـ الخطابي) النضال الوطني القطري ،على حساب العمل ضمن الإمبراطورية العثمانية بل وأحيانا ، على حسابها وبالتحالف مع أعدائها من الإمبراطوريات الاروبية الاستعمارية( المسيحية)
عمليا، لقد فضلوا ، كما هو حاصل اليوم بالنسبة لبعض" الربيعيين " التحالف بله الاستتباع للاستعمار ( العدو ) ضدا على الاستبداد( الخصم الداخلي)؟ وكانت النتيجة ، ما لانزال نعاني من فواجعه التقسيمية وحالاته الاستعمارية، وأخطرها " فلسطين " " الموظفة قاعدة متعددة التخصصات لمنع كل شيء: الوحدة ، التنمية ، الديمقراطية ... الخ
أرغمت النخبة التركية على التنازل عن مجالها الإسلامي ، وأرغمت على الانكفاء نحو حدودها القومية وتتخلى للاستعمار الاروبي عن أطرافها الإسلامية يقتسمها أسواقا لمنتجاته الفائضة ويضع على رأسها عملاء تابعين، كانوا أسوأ وأخطر من استبداد الولاة العثمانيين .
في المقابل، فلم يكن ذلك خيار نخب القوميات في ظل الإمبراطوريتين الصينية والقيصرية مثلا ، فهم لم يخلطوا بين التناقضين والصراعين الداخلي والأجنبي، وأحرى أن يتحالفوا مع العدو ضدا على الخصم، ولم يراهنوا على نضال قطري انعزالي وانفصالي ... على حساب تحالف جميع الشعوب، القوميات ، ضدا على الاستبداد الإمبراطوري ـ الإقطاعي ، المركزي منه والمحلي ، وضدا على التهديد الاستعماري الأجنبي في نفس الوقت ، وعندما يصبح التهديد الامبريالي مثلا ، كانوا يجمدون صراعهم مع النظام القائم ( المستبد والفاسد ) بل ويتحالفون معه في مواجهة الأخطر ( العدو الأجنبي ) لقد أوقف " ماو " مسيرته الحمراء، وتحالف مع " صون يات صن" حالما حاول الاستعمار الياباني استغلال التناقض بينهما ، والاستفادة منه لاحتلال الصين ...
وحتى لا نذهب بعيدا ، فان الأهم في الفقه السياسي التيمي(ابن تيمية ) تاريخيا كان هو هذا بالضبط( جدلية الصراعين) ولذلك نجح في أن يستمر في الوعي الاسلامي ، أكثر من غيره ، وان بالكثير من التحريف والقلب والتشويه ، كما وقع ويقع لجميع الأفكار والاطاريح والقضايا الفكرية والسياسية العادلة والسديدة ، في تاريخ البشرية تعمد اليه الرجعيات ، تعطيلا من قبلها لاسلحة الوعي الشعبي ...
ما يحصل اليوم هو شبيه بل هو امتداد للخطأ الأصل "الاستجارة من الرمضاء بالنار " ومن تم استمرا ر النضال ضمن الأطر التي اصطنعها الاستعمار، القبول بها والانطلاق منها ، والحال أن استمرار حالة الاستعمار يضاعفه ويعمق وجوده ، واستمرار التجزئة سواء القطرية يضاعف إنتاجها ويزيد منها ، سواء بالانفصال وبالحروب الأهلية أو سلما باسم الفيدرالية أوالجهوية" الموسعة "
لا دواء من " عطب " الاستعمار سوى بالتحرر منه ولا حرية للمواطنين بدون تحرير أوطانهم أولا ، والتحرر يعني استكمال الاستقلال وضمان السيادة ولا سيادة بدون وحدة للسوق العربية الإسلامية (دعه يعمل دعه يمر ) بالتالي وحدة الإرادة السياسة للأمة العربية الإسلامية .
من الانتهازية السياسية والى الخيانة ، تلكم هي الحدود التي تشتغل ضمنها جميع الطبقات الوسطى الوسيطة والتابعة ونخبها العالمة( لا المثقفة) ويكون من تم ، استبدادها وقطريتها وفسادها،من تم ..... امتدادا وتنزيلا محليا للاستعمار، العدو الرئيسي.
Share this content: