انطلق عبد الصمد بلكبير وكوكبته ... في منتصف 1984، في بناء صرح ثقافي عالي المستوى. اعتمد أولا على المقاربة الشمولية للقضايا
مقتطف من مذكرات العربي مفضال - زهرة العمر

Share this content:

“داء العطب القديم “

                                                                    ع . الصمد بلكبير

خذلت  الطبقة الوسطى في المغرب إدارة دولتها المركزية ولم تسعفها في مواجهة النزعات القبلية الانعزالية في البادية (السيبة) المدعومة أجنبيا بل إنها هي أيضا احتمت ضدا عليها ( الدولة )  بنفس الاستعمار الأجنبي وبذلك أرغمت الدولة على الخضوع لاتفاقيةا لحماية (30/30/1912 ) بديلا عن مقاومة لم تكن  متاحة ، وبذلك ضحى الملك  عبد الحفيظ بشرعيته الشخصية حفاظا منه على استمرارية الدولة العلوية ، ونتيجة لذلك  اضرب عن الحكم واعلن العصيان   ثم طلب الاستعفاء و المنفى الاختياري ، حيث سيتأمل التجربة ويستخلص منها أن" داء العطب قديم"  وهو نقذه الذاتي  الذي لم ينشر بعد.... 

 يبدو أن تلك الخلاصة لا تخص المغرب ، بل تعم غيره من الأقطار العربية الإسلامية،  وذلك على الأقل منذ أن اختارت  بعض نخبها المؤثرة والمدعومة أجنبيا ليبرالية  ( مسيحيين خاصة) وإسلامية ( الوهابيين ـ ابن باديس ـ الخطابي)  النضال الوطني القطري ،على حساب العمل ضمن الإمبراطورية العثمانية  بل وأحيانا ، على حسابها وبالتحالف مع أعدائها من الإمبراطوريات الاروبية الاستعمارية( المسيحية)  

عمليا، لقد فضلوا ، كما هو حاصل اليوم بالنسبة لبعض" الربيعيين " التحالف بله الاستتباع للاستعمار ( العدو ) ضدا على الاستبداد( الخصم الداخلي)؟  وكانت النتيجة ،  ما لانزال نعاني من فواجعه التقسيمية وحالاته الاستعمارية، وأخطرها " فلسطين " " الموظفة قاعدة متعددة التخصصات لمنع كل شيء: الوحدة ، التنمية ، الديمقراطية ... الخ 

أرغمت النخبة التركية على التنازل عن مجالها الإسلامي ، وأرغمت على الانكفاء نحو حدودها القومية وتتخلى للاستعمار الاروبي عن أطرافها الإسلامية يقتسمها أسواقا لمنتجاته  الفائضة ويضع على رأسها عملاء تابعين، كانوا أسوأ وأخطر من استبداد الولاة العثمانيين .

 في المقابل، فلم يكن ذلك خيار  نخب القوميات في ظل الإمبراطوريتين الصينية والقيصرية مثلا ، فهم  لم يخلطوا بين التناقضين والصراعين الداخلي والأجنبي، وأحرى أن يتحالفوا مع العدو ضدا  على الخصم، ولم يراهنوا على نضال قطري  انعزالي وانفصالي ... على حساب تحالف جميع الشعوب، القوميات  ، ضدا على الاستبداد الإمبراطوري ـ الإقطاعي ، المركزي منه  والمحلي ، وضدا على التهديد الاستعماري الأجنبي في نفس الوقت ، وعندما يصبح التهديد الامبريالي مثلا ، كانوا  يجمدون صراعهم مع النظام القائم  ( المستبد والفاسد )  بل ويتحالفون معه في مواجهة الأخطر ( العدو الأجنبي )  لقد أوقف " ماو " مسيرته  الحمراء، وتحالف مع " صون يات صن" حالما حاول الاستعمار الياباني استغلال التناقض بينهما ،  والاستفادة منه لاحتلال الصين ...

  وحتى لا نذهب بعيدا ، فان الأهم في الفقه السياسي  التيمي(ابن تيمية ) تاريخيا  كان هو هذا بالضبط( جدلية الصراعين) ولذلك نجح في أن يستمر في الوعي الاسلامي ،  أكثر من غيره ، وان بالكثير من التحريف والقلب والتشويه ، كما وقع ويقع لجميع الأفكار  والاطاريح  والقضايا الفكرية والسياسية  العادلة  والسديدة ، في تاريخ البشرية تعمد اليه الرجعيات ، تعطيلا من قبلها لاسلحة الوعي الشعبي ...

 ما يحصل اليوم هو شبيه بل هو امتداد للخطأ الأصل "الاستجارة من الرمضاء بالنار  "  ومن تم استمرا ر النضال ضمن الأطر التي اصطنعها الاستعمار، القبول بها  والانطلاق منها ، والحال أن استمرار حالة الاستعمار يضاعفه ويعمق وجوده ، واستمرار التجزئة سواء  القطرية يضاعف إنتاجها ويزيد منها ، سواء بالانفصال وبالحروب الأهلية  أو سلما باسم  الفيدرالية أوالجهوية" الموسعة "

 لا دواء من " عطب " الاستعمار سوى بالتحرر منه ولا حرية للمواطنين بدون تحرير أوطانهم أولا ، والتحرر يعني استكمال الاستقلال  وضمان السيادة ولا سيادة بدون وحدة للسوق العربية الإسلامية (دعه يعمل دعه يمر )  بالتالي وحدة الإرادة السياسة للأمة العربية الإسلامية .

من الانتهازية السياسية والى الخيانة ، تلكم هي الحدود التي  تشتغل ضمنها جميع الطبقات الوسطى الوسيطة والتابعة ونخبها العالمة( لا المثقفة)  ويكون من تم ،  استبدادها وقطريتها وفسادها،من تم  ..... امتدادا وتنزيلا محليا للاستعمار،  العدو الرئيسي.

Share this content:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Share this content: