انطلق عبد الصمد بلكبير وكوكبته ... في منتصف 1984، في بناء صرح ثقافي عالي المستوى. اعتمد أولا على المقاربة الشمولية للقضايا
مقتطف من مذكرات العربي مفضال - زهرة العمر
تعقيبات.. على الأخ الساسي في الحداثة و”ما بعد الحداثة”

ع. الصمد بلكبير 

في مقالة "الأسبوعية"، يقدم الأستاذ الساسي جردا أوليا عن السجال المغربي في موضوع "الإجهاض". نلاحظ عليه التالي: 

  1. في العنوان لا أدري كيف يكون "السجال مفيدا" (؟!)، مع أن "كل طرف يستند إلى أية حجة، كيفما كانت، للرد على صاحب الرأي المخالف، حتى  لو تناقضت مع منطلقاته الأصلية، أو كانت ضعيفة السند"، كما يقول هو نفسه، وهو بعض ما يخالف به السجال، النقاش المطلوب. ومع ذلك، يعتبره السياسي "مفيدا"(؟ّ!). 

إنه لا يكفي للفهم، وصف نقاش معيب (سجالي) دون الوقوف عند دلالات ذلك:

 أن يفرض عليك موضوع/ وتعطاه أولوية خارج جدول أعمالك الوطنية/ وتقهر عليه من الخارج/ ويتدخل فيه المعني (مهتم أو مختص) والمغرض-... إلخ. فكيف تنتظر من مدافع "مقاوم" أن يتصرف بدون حمية، وبالعقل البارد، والمنطق المجرد والمحايد، دون غضب وتذمر، بل وكشكشه واستعمال للأظافر، حتى عندما يتعلق الأمر بقضايا حماية المجتمع، وصون العرض والهوية، واستقلال الوطن وسيادته... ف"اقتلوا من لا غيرة له" بمعنى "ابعدوا وهمشوا، من  قد يستغل موضوعيا، أو مأجورا لمصلحة الأعداء"...مادام "يفكر" دون استراتيجية ودون عاطفة ودون قيم، وخارج الإحساس بالكيان وخصوصياته المجتمعية والدينية...إن هذا، يشبه في بعض جوانبه، قضية التدريج والمزوغية (وليس المازيغية) والفرنكفونية في موضوع سيادة اللغة العربية. 

لقد تصرف كل من علال بن ع. الله والحنصالي بانفعال، بما يعتبر "إرهابا" في منطق القانون، غير أنهما بمنطق الوطنية والدين، صنعا تاريخ المغرب المعاصر، وذلك من حيث وجها المسيرة نحو المقاومة، بدل العقل المفاوض الذي كان سائدا (؟!) 

2. في السياق ذاته، يأخذ الساسي على البعض "إساءة مخاطبة المخالفين في الرأي، وإطلاق أشنع النعوت عليهم" ويسمي منهم خاصة، السيد الريسوني. المبدأ العام في الموضوع مسلم به. وإساءة التعبير والتوصيف، مرفوضان لاشك، غير أن الصراحة في النقاش، وتسمية الأمور والأشياء بأسمائها... مطلوبة أيضا. ولا يجوز للمجاملة أن تكون على حساب الحقيقة، خصوصا وأن الأباطيل، عادة ما تتخفى خلف أقنعة، والإيديولوجيا في البلاغة... فيصبح التشريع للموت دفاعا عن "الحياة" مثلا، فكيف نمنع الحق في تجريد الخصم من أقنعته، وإرجاع العبارة إلى أصلها، ونعتبر ذلك "إساءة وشناعة"، كثير من الليبراليين أضحوا متوحشين، وبعض اليساريين أمسوا "ليبراليين" والإسلاميين متأسلمين والمازيغيين مزوغيين والمفرنسين فرانكوفونيين و....(؟!).

3. يورد الأستاذ، مختصرات مركزة، لآراء ومواقف، جملة من المتدخلين في الموضوع، نقاشا أو سجالا. غير أن أهمهم، في نظري، لم يعرج عليه. أقصد الأستاذ المختص د. فتحي، وفضيلته أنه جمع في نقاشه للموضوع، وباقتدار وتفرد، بين جوانبه العلمية والقانونية والدينية (=الفطرية). وأترك للقارئ استنتاج الدلالة، وذلك بالنسبة لكاتب، يعتبر مثل الأخ الساسي، من الكتاب "الأسبوعيين" لـ"المساء". هذا "الاغتيال" يكاد يشبه ما أخذه الساسي على السيد الريسوني، حين دعا الأخير ربه، إلى إجهاض بعض الأجنة التي "ستدعو للإجهاض".  

4- لا تواجه جميع "الآراء" بالحجة والرأي فقط، ثمة جرائم، وثمة مجرمون يغلفون أسلحتهم بالتغليط الإيديولوجي الذي تسمح به البلاغة، ويخلطون سمهم بالعسل. فهل علينا أن نهتم بالأقنعة والعسل دون أسلحتهم وسمومهم، وننبه الشعب إليها. لقد وصف الاحتلال غزوه "استعمارا". فهل كان علينا أن نتعامل معه حسب وصفه لنفسه (؟!) وكذلك الصهيونية، فهل هي فقط "رأي" وكذا النازية والفاشية، والاستعمار الجديد... كما تعبر عنه أجهزته المتعددة وبالغة المكر والخبث والدهاء، والتي تتقصد تفكيك الدول والمجتمعات والقيم والثقافات والدين... باسم: مدونة الأسرة- حقوق الإنسان – المجتمع المدني- حقيقة الأسعار- الفساد- حرية الجسد- هيكلة الحقل الديني- الإعلام "المستقل" – التشبيب والتأنيث- دمقرطة الأحزاب... كثير منها "شعارات" (=آراء) يتضاعف بريقها، بمقدار مخاطر طعناتها القاتلة. 

5. إن دقة المفاهيم، والتي يؤشر عليها وضوح المصطلحات، هي القرينة الأولية على مدى القدرة على وصف الواقع مطابقته، أو مقاربته، ومن تم القدرة على إصلاحه أوتغييره، والحال أن مصطلحات المقال، بالغة الهشاشة والقدامة، ومن ذلك مثلا: 

أ-  الحداثة: وهي اليوم أضحت تدل على الأمر ونقيضه، فلم تعد لذلك مقياسا للتصنيف والتمييز. وبعض "القدامة" (حماس مثلا) أكثر حداثة (=ديمقراطية) من الصهيونية مثلا، والتي تعتبر من أهم مظاهر التحديث الرأسمالي لليهودية. مثلها في "الحداثة" مثل الاستعمار والنازية والليبرالية المتوحشة، وأوباما وهولند وأحزاب "الحداثة" العربية المعاصرة إياها.. (؟!).           

ب-  والعلمانية، علمانيات، وجذورها الفكرية والتاريخية، إن كانت تتناقض مع "التأسلم"، فإنها تطابق الإسلامية. فدولة الإسلام، في النص وفي التاريخ، هي "مدنية" وذلك بالضبط معنى كونها "إسلامية" مقارنة إلى "الدينية" الكنيسة (=الرومانية) قبلها. 

في المقابل، فإن "علمانية" الكيان الصهيوني المدعاة مثلا، تنتهي اليوم إلى "يهودية الدولة"، هذا مع أن اليهودية الأصلية نفسها،هي ضد الدولة وجودا، وذلك بغض النظر عن نظامها (ديمقراطي أو ديكتاتوري..) وهو ما يعنيه بالذات، مصطلح "الفوضوية" التي يراد تسييدها اليوم على العالم (=العولمة والأمركة والفوضى (التهويد) العارمة). 

ج- أما مصطلح المحافظة والمحافظين، فهو ليس مثلبة بالضرورة، إذ ليس كل محافظ رجعي، بل إنه لا يمكن تصور التاريخ والحضارة، دون محافظة، ومنها التقليد (وهو غير التقليدانية) كنهج وكإيديولوجية. 

أحيانا، تأتي المحافظة جوابا ورد فعل على "العدمية" لا على إرادة التقدم، في مواجهة التحديث الاستعماري مثلا، اضطرت الشعوب إلى النكوص نحو التقليد والمحافظة على كل شيء، وأحيانا بتطرف (= عبادة الموتى) يفسره تطرف التحديث إياه، وذلك من قبلهم، بهدف تكريس الكيان، وضمان وحدته وصموده (كما تصنع القواقع)، وذلك في انتظار تحقيق التحرر، الذي يسمح بالتقدم، خارج التبعية ودون تقليدانية... 

أن نحافظ اليوم على العربية، وعلى الدين التقليدي أو الشعبي، وعلى صناديق الدعم ومجانية التعليم والصحة، والسكن الاجتماعي- وعلى الأسرة- وعلى القطاع العام بعلاته- وعلى الأمن والجيش والإدارة الترابية- وعلى وحدة الأحزاب بعوراتها- وعلى الديمقراطية المركزية- وعلى حماية السوق الوطنية- والوحدة الترابية- والقضية الفلسطينية- وكرامة الذكور والإناث والأطفال- وفلسطين – والحق في الاتحاد (المغاربي والعربي) وفي المقاومة- وعلى الخصوصية الوطنية (=الهوية)... وعلى الذاكرة والتراث والتاريخ... هو اليوم عمل تقدمي، مقارنة إلى مسايرة الغرب الرأسمالي وإرادة التبعية له باسم الحريات العامة والفردية (وهي غير الحريات الديمقراطية) والانفتاح- والمجتمع المدني...إلخ من خطابات الاستعمار الجديد التي يقصد بها، تأبيد التخلف وتكريس التبعية باسم الحداثة والعلمانية و... 

المخططات تلك، لا علاقة لها بـ"الحداثة" أو "التحديث"، بل بـ"ما بعد الحداثة" وهو ما سأوضحه: 

6. يكتشف الأستاذ "تناقضا منهجيا" في الموقف (=الإسلامي) الذي يتحدى "الديمقراطية" ("الديمقراطيين" في الحقيقة) بعرض مثل هذه القضايا المصيرية، على الاستفتاء الشعبي (الديمقراطية المباشرة)، وذلك مقارنة إلى اقتناعهم، بالمؤسسات أو المرجعيات ذات الاختصاص الديني (المجلس العلمي الأعلى- إمارة المؤمنين..). 

لا تمنع الإسلامية من تبني الديمقراطية، وعموم الشعوب الإسلامية هي ضد الاستبداد وضد الفوضوية، وذلك بنفس درجة مناهضتها للاستعمار، الذي يشجع على الخلط بين الدين والدولة (ربطا وفصلا) ولا تعتبر لذلك، أن مراعاة الضمير الديني في التشريع، عن طريق مؤسسات مختصة، مناقضا بالضرورة، لمبدأ الاستخلاف والسيادة الشعبية المطلقة وأرقاها "المباشرة" عن طريق الاستفتاءات. 

وحتى على افتراض أن أصحابنا (=الإسلاميين) وقعوا في "تناقض" غير واع، فالمطلوب من تقدمي، أن ينتبه إلى البعد الإيجابي فيه (=التناقض)، وأن يشجعهم لذلك على الخروج منه، وذلك بترجيح التأويل الديمقراطي، على الخلط والارتباك والتردد "الاستبدادي" الذي يتسم به فعلا وعي وممارسات بعض "الإسلاميين" الوطنيين. أما غير الوطنيين، فلا حديث معهم (؟!).  

إن المنهج يتبع النظر، وما قد يبدو تناقضا في نظرية، قد يكون تكاملا في أخرى، دليل ذلك مثلا، الاجتهاد الإيراني، والتجريب المغربي، وأحرى بالتأويل الديمقراطي لإسلام اشتراكي ("الإخوان" عندما كانوا، إخوانا؟) (؟!) كما هو مفترض من قبل الاشتراكيين العرب المفتقدين اليوم (؟!)

ومن ذات القبيل، تعليقه على "خصومه" الذين "...يعتبرون أن أية إباحة للإجهاض، هي خرق للدستور الذي ينص على الحق في الحياة" بالقول: "...إن الحداثيين، يعتبرون أن الإبقاء على عقوبة الإعدام هو خرق للحق ذاته"، وهو يعتبر لذلك، أن في هذا (التأويل) "نوعا من التبسيطية" ذلك لأن هنالك "دساتير، تنص على الحق في الحياة"، ومع ذلك تبيح الإجهاض أو تبقي على عقوبة الإعدام". 

والإشكال هنا لا يكمن في الشكل، بل في المنطق وفي المفهوم. ذلك أن المنطق البسيط (الصوري) لا يتحمل التناقض، الذي يستوعبه المنطق الجدلي. ولا يرى فيه تعارضا "ولكم في القصاص حياة". ولكن آية حياة؟ حياة الاستقلال والسيادة الوطنية، وهذه قد تكون في الموت (الشهادة)، وذلك في مقابل "حياة" التبعية والقهر، (والاستعمار) والتي هي موت بالنسبة لإسلامي وطني. فلا تناقض إذن، إلا بالنسبة لمنطق "بسيط" وغير "مواطن".  

7. وشبيه بذلك، تصنيف المقالة وتقييمها لبعض من تناولت آراءهم ومواقفهم، من ذلك مثلا، وصفها خطاب "التوحيد والإصلاح" بـ"روح التبصر" واعتبار غيره من صنفه، "محصورا في أفراد يتحركون على هامش الحركة والحزب". 

يقال في المنطق، إن "الحكم على الشيء، فرع عن تصوره"، وتصور الساسي، مجانب لواقع الوعي والحركة الإسلاميين اليوم. ومن يتحرى تغيير الواقع، فعليه أولا أن يعرفه كما هو، ومن يرغب في معرفة شعبية بنحمزة، فعليه أن يسأل ساكنة شرق المغرب، فضلا عن راود "القناة 6" (الأولى مشاهدة في المغرب من بين 90 قناة "دينية" عربية)، وإذا كان ذلك منتوجا لـ"تطرف". فأهلا به وسهلا، مقارنة بما يعرفه الجميع عن "التطرف الديني" حقا. 

أما عن الريسوني، فأصوات مؤتمر الحركة الأخير عليه، بالغة الدلالة (؟) وهو من رفض حرج المسؤولية في شروط (زمن وموقع) قد لا يسمح له فيها، بما ينعيه عليه الساسي(؟).

 (وفي الحالتين، فإن هذا ليس دفاعا، عمن ليسا في حاجة إلى دفاع أحد عنهما).                 

أما "القائم مقام" الريسوني في قيادة الحركة، والذي شمله وصف المقال لأجهزة الحركة بـ"روح التبصر" (وهو أيضا حكم "الأغيار" فيها). فهو مناضل جيد لاشك في كفاءته على هذا المستوى، غير أنها، طفقت به تخسر جدارتها الفكرية واستقلاليتها السياسية، والخوف لذلك على مصيرها مشروع، في أن تكون ضحية هذه المرحلة من "الانتقال". كما كانت الشبيبة والنقابة ثم العجز (2002) بالنسبة للاتحاد الاشتراكي. إن الغيلان، حسب الخرافة، تلتهم دائما، حتى ولو لم تكن جائعة (؟!). 

8. ويبقى "الاستثناء" حسب الساسي، هو سعد (العثماني) الذي كان "سباقا" في "الدعوة" لتعديل القانون. وينصبه لذلك، حجة على من يعتبرونها (الدعوة) "تخدم أجندة أجنبية" وكأن الإسلامية تقتضي حقا وصدقا الاستقلال عن الأجنبي (؟!) وهي مصادرة،  تستبطن زورا، أختا أخرى شقيقة لها، تفترض أن الديمقراطي "الحداثي" هو بالضرورة "وطني" والحال أن العدمية الوطنية (كما الأخلاقية) فيهم فاشية. 

أكثر الحركات الإسلامية الحديثة والمعاصرة، ارتبطت نشأة وتمويلا بالأجنبي، منذ الوهابية، مرورا بمحمد عبده، ثم الإخوان، وحتى الوطنية المقاومة منها (حماس). الإسلامية "الوطنية" كانت محدودة الحالات، ومحدودة الزمن، أو مرتبكة ((حماس) والعثماني بالذات، نظير أشقائه "العثمانيين"في تركيا، اندمج بحماس في المخطط الأطلسي- الصهيوني والرجعي، ضدا على شعوب الشام والعراق، وتكاد مازوغيته لا تختلف عن العنصرية المزوغية. وهو مع العولمة، وضد العوربة، عندما يتصل الأمر بتسمية "الاتحاد المغاربي" مثلا(؟!)... 

هذه "التزكية" للعثماني من قبل "ليبرالي" تندرج موضوعيا ضمن المعسكر المتخصص اليوم في "تلميعه" (=العثماني) وهو ما يتكامل مع استراتيجية "شيطنة" غريمه (بنكيران)  والهدف من ذلك واضح، "الانقلاب المدني" (الحزبي) المطلوب والمنتظر، والذي كان غياب "باها" مساهمة في التمهيد له. وإذا حدث، لا قدر الله، فإن الحركة الديمقراطية المغربية، ستخسر رافدها الديني، بعد أن خسرت رافديها الليبرالي والاشتراكي.(؟!) 

9. إن الأستاذ، الذي يأخذ على الآخرين، عدم الانسجام واحترام "المنهجية"، لا يلتزم نفس المنطق، من ذلك مثلا، ربطه خلال رده على مخالفيه، بين تعديل 67 للقانون، حول الإجهاض و"برنامج التنظيم العائلي" الذي تبناه المغرب في نفس الفترة. وهذا صحيح للأسف، تماما "مثلما فاتهم (=مخالفوه) ربط التشدد الذي انتهجته فرنسا، سابقا، في تجريم ومحاربة الإجهاض، بظروف الحرب العالمية" وهذا صحيح أيضا، ولكن: 

أ-  ألم يكن عليه في المقابل، أن يستمر على ذات المنهجية السديدة، ويربط الإنزال الحالي للموضوع بشروطه العولمية: تقليل الأفواه- تفكيك الأسرة...إلخ. ويناقشه هو أيضا ومن تم، من ذات المستوى السياسي الاستعماري الأجنبي (؟!)

ب- ثم، ألسنا نحن أيضا في شروط وأوضاع "حروب" جديدة مفككة وناعمة، نخوضها ضدا على بعضنا البعض ، في الحال، أو مخطط لها في المآل. (؟!) 

ت- وحتى تتوضح الصورة أكثر، فلنتصور اقتراح هذا الموضوع لنقاش الشعب الفلسطيني، فماذا سيكون موقف النساء منه، وهن اليوم ودائما، رأس الحربة في مقاومة الاجتثاث والتهجير والتوطين والتهويد وما شئت... ولولا ذلك النمط من كفاحهن الوجودي، وعلى حساب "أجسادهن".... لساد الاستعمار الجديد مشرقا، ولسادت الهمجية المتوحشة، العالمين العربي والإسلامي...إلخ. 

10.  وفي سياق دفاعه عن "فائدة" السجال في الموضوع، يقول: إنه "مكننا من أن نتقدم قليلا، على طريق مكاشفة ومصارحة الذات بحقيقة ما يجري في مجتمعنا والإفصاح عن جزء من المسكوت عنه" نقول: 

أ- لكل مجتمع، ولكل مرحلة تاريخية، أسئلتها وأولوياتها الخاصة، المرتبطة بها والنابعة من حاجياتها ومطالبها، وليس المفروضة عليها فرضا من خارجها وبضغوط، مثل فرض شروط مجحفة وظالمة معنوية ودعائية (الترتيب العالمي للدول، حسب المجالات) أو مادية صريحة: التجارة- القروض-السياحة ... والاستثمارات.       

ب- إن السكوت الإرادي أو التلقائي على بعض العيوب، وتأجيل طرحها، في انتظار الزمن الملائم لحلها مثلا، ليس عيبا دائما، بل هو فضيلة أحيانا. وهي مسألة ليست اجتماعية أو سياسية فقط، بل وعلى صعيد نظرية المعرفة نفسها، إذ السؤال نصف الجواب، وإذا كان السؤال فاسدا أو مغلوطا أو مقلوبا أو سابقا لأوانه... فسيؤثر من تم سلبا على الجواب. ولذلك قال منظر الحداثة الاشتراكية "إن الإنسانية لا تطرح على نفسها من الأسئلة إلا ما تستطيع الإجابة عليه". 

لا تبنى الدول ولا تتأسس إداراتها بـ"الشفافية" المدعاة (والتي لا يمارسونها معنا) بل بالتستر والإجماع الوطني و"استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان).  

ت- إن فقه الأولويات، عام في الحياة، وأحرى في العمل العام: السياسي والنقابي أو الثقافي...وهو ليس أمر مزاج أو ميل وهوى- بل مسألة موضوعية. الأهداف الكبرى معروفة ومشتركة عموما. (الديمقراطية مثلا) والمعضلة تكمن في التدبير التاكتيكي لتحقيقها. وهنا تكمن الحاجة إلى القيادات السديدة. وهنا تبرز جداراتها، في أن تنجز وتتدرج، وتقلل الخسائر، وتعظم المكتسبات، وتحافظ على تحالف، ووحدة الفئات والطبقات الوطنية في كل مرحلة من مراحل النضال والصراع... 

11- كل تلكم حيثيات، وربما نقاش خارج الموضوع، يلامسه ولا يطرحه، ذلك لأن المتدخلين فيه، هم في أغلبهم يصدرون عن مرجعية اجتماعية، ومن تم إيديولوجية واحدة، والاختلافات في ما بينهم، فئوية لا طبقية، والحال أن جذور هذا الطرح وطارحيه، ليس من طبيعة سياسية وطنية، ولا قانونية (مدنية أو دينية).. بل هو تحدي عولمي، حضاري، بل ومصيري في الشروط الراهنة للبشرية، في ظل سيادة وتوحش الرأسمالية الإمبريالية المازومة والمتهودة (=الوثنية). 

لقد استنفذ النظام الرأسمالي برنامجه، وأضحى لذالك مفلسا يحتاج إلى إنقاذ و"حماية" جثة تتعفن، فتحتاج لذلك إلى قبر "إكرام الميت دفنه"، وكل رهان على "إنقاذ" هو وهم من "أساطير المتأخرين" فلم تعد تنتج سوى الأزمات والحروب والتخريب والتفكيك والتحلل والفوضى والفتن واقتصاديات الظلام والجريمة المنظمة: مخدرات- قمار- عهارة- تهريب- تبييض وإرهاب ... تخفي ذلك وغيره، خلف لافتة "الحرية" الفردية والأنانية الفوضوية... وليس الاجتماعية- الديمقراطية. وتتوسل لإشاعة ذلك، والدعاية له وفرضه بقنوات "القوة الناعمة" التي تحتكرها وتضاعف تمويلها وتأطيرها: الجامعات ومراكز البحث والإعلام والمخابرات والديبلوماسية والمنظمات الدولية، الحكومية منها و"المدنية" وأخطر جميع ذلك وأنفذه، شراء الذمم وتسخيرها في "عبودية" ثقافية جديدة. وثمة أحيانا، سذجا ومغفلين يختارون "العبودية" مجانا. وربما بـ"متعة" مازوخية. (الإيديولوجيا السائدة / أوهام الطمع- أخلاق العبيد...)، وهم اليوم ما يشكل "الطابور 6). 

ولأنه منطقا، لا يمكن فهم الخاص دون فهم العام، ولأن استراتيجية الغرب الرأسمالي في موضوع المرأة والأسرة وحقوق الجسد ومفهوم الحياة والحرية والسعادة.... هي جزء من أفق ثقافي- حضاري غير واع أحيانا، ولكنه أعم وأبعد وأخطر... فالمطلوب لذلك، نقاش الموضوع، ضمن إطاره الأوسع، وتحديد المواقف منه، ضمن الموقف من التاريخ، ماضيه وحاضره، ومستقبله، مصائر الإنسان والأوطان والدول... الموقف من الصراع المحتدم بين الليبرالية المتوحشة والرأسمالية الهمجية من جهة، وبين الشعوب والرأسماليات الاجتماعية والوطنية والديمقراطية الفتية والمستضعفة والناهضة في الجهة المقابلة. 

عدوان الامبريالية على الشعوب، يخاض اليوم بوسائط "ناعمة" (ثقافية، إعلامية وعليمة...) وحول المفاهيم والقيم...أي في موضوعات الوعي والأخلاق والسلوك. فليس المستهدف في الراهن الاستعماري هو الأرض وريعها والثروة والعمل...بل الإنسان نفسه (وعيا وخيالا وذوقا وإرادة...) وعلاقاته المجتمعية (الأسرة – الصداقة) والاجتماعية (الطبقية) والسياسية (إدارة الدولة)، وإذا تحقق لهم ذلك، تحكموا تلقائيا في الأرض والعمل والثروة...

إن الأسلحة العنيفة للاستعمار، فلت جميعها، عدا سلاح "فرق تسد" والذي يعاد إنتاجه، بحيث ينتهي الضحايا إلى قتل بعضهم ثقافيا وإعلاميا أولا ثم سياسيا وعسكريا لاحقا. تبدأ استراتيجية "التفكيك" بالإنسان الفرد: فصله عن أخيه، عن المواطنة (=الوطنية) عن الواجب (باسم الحق) عن الحب (باسم الجسد) عن الفردانية (بالأنانية) عن المجتمع (بالشعبوية) وعن الدولة وإدارتها (=الفوضوية). 

تفكيك الكيانات الوطنية ووحدة إدارات دولها (قبليا، جهويا، لغويا، مذهبيا، طائفيا...وحتى عائليا) يبدأ من تفكيك النواة الأصلية (الأسرة) وذلك يتم بوسائط شتى: ثقافية – أخلاقية- سياسية وقانونية (=المدونة)ومن ذلك حديث "الأجساد" ملكيتها وحرياتها الأنانية الفوضوية.  إن الفردانية "الأنانية" لا تقتصر على مطلب الاستقلالية عن الجماعة، بل تعاديها، وتعتبرها آخر (أغيارا). إذن خصوما وأعداء (؟!). 

لم يتأسس التاريخ (=الدولة) ولم تتأسس الحضارة بـ"الإباحة" الغابوية، والتي كانت تعني "القوة"، بل بالتحريم والتقييد والتنظيم... لنتذكر حمورابي والوصايا العشر لموسي...إلخ. (لا تقتل، لا تزن، لا تسرق، لا تغتب...) ثقافة الواجب (=الأخلاق والدين) شرط للحق في "الاختلاف" والذي لا يتصور منتجأ وخلاقا، خارج إطار وحدة الجماعة (الإنسانية/ الوطنية/المجتمعية: الأسرة- الجيرة- الزمالة- الصداقة...) الاختلاف خارج الوحدة = الفوضى والفتنة.

 "حقوق الإنسان" مسألة اجتماعية- إنسانية وتاريخية، لا مسألة "طبيعية" أو شكوى واحتجاج، ورغبات. خارج الزمن وخارج الأمكنة (=الفوضى). ومن ذلك مثلا قضايا الحريات (الديمقراطية) التي هي قضايا المواطن (لا الفرد) ولا تتصور لذلك بدون تحرر وتحرير الوطن الأرض والاقتصاد والإدارة والثقافة واللغة والتعليم... والإرادة...       

"الحق" في: تسليع الجسد أوتشويهه والمخاطرة به وحتى قتله (الانتحار).. هو من مظاهر "الثقافة" المرتدة نحو التوحش الرأسمالي، الجسد مسألة مجتمع، بل ودولة أيضا. والحرية، انخراط وانتماء، ثم ونضال بالعلم ضد ضرائر الطبيعة ومجاهيلها وضد الاستبداد في المجتمع وإدارة دولته. والقانون ليس "قيدا" بل ضمانة وحماية للحريات (الاستعمار الفرنسي، منع إعلان السكر والإفطار... حماية منه للمعمرين، وزبنائهم من "المواطنين"، لا قيدا عليهم. (؟!)

لقد كان الجسد الواحد للجماعة، يشد بعضه بعضا، ويتأدى كله من ضرر جزء منه، شرطا في تأسيس البشرية والإنسانية وتجاوز الحيوانية، وبالتضحية والإيثار، والتنافس في التنازل، وعلى الموت من أجل الجماعة... هو الشرط الذي أخرجها من تجمع القطيع الحيواني نحو الإنساني. بالعمل (وهو ليس الكدح) إذن بالاجتماع (وهو ليس التجمع)، أنتج الإنسان العاقل نفسه في التاريخ وبالتاريخ البعد الحيواني (الجسدي) في الإنسان، ليس هو ما يحدده ويعرفه كإنسان. بل الوعي وحرية الإرادة ضمن المجتمع هو ما صنع ويصنع ذلك.

أما اختصار الإنسان – المواطن في "فرد" وهذا الأخير في "الأنا" وهذه في اصطناع نقيض لها هو "آخر" (عدو وخصم، وليس أخا؟!) والانحطاط بالمجتمع إلى تجمع (قطيع)، وضد النظام، واحتقار الوعي، وتسفيه القيم، وتهميش الثقافة لمصلحة الفولكلور والاستعراض والعبث، والسياسة إلى لعبة ولعب وتمثيل وفرجة.. والتسوية بين التافه والجدي واحتقار العقائد والإيديولوجيات باعتبارها جميعها مغلقة وشمولية والدعوة للعدميات (التاريخية، الوطنية، والأخلاقية...)، وفصل الجنس والجسد عن الحب وعن الأسرة، وتفكيك هذه الأخيرة، وهدم القيم الموحدة للمجتمع، ومحاربة جميع أنواع الأنظمة ومؤسساتها بـ"المجتمع المدني" والرهان على الهوامش والتهميش، وإطلاق العنان للغرائز وللأهواء.... كل ذلك وغيره، من أمثاله وهو كثير، ينتمي لحقل و"نظرية" واستراتيجية واحدة، هي ما يدعى بـ"ما بعد الحداثة" وليست لها علاقة بالحداثة، إلا على مستوى الخلط بقصد إحداث البلبلة والفوضى في صفوفنا. 

للأسف، فإن التمييز بين المرجعين وبين الفلسفتين، صعب، ذلك أولا: 

  1. لمن لم ينجز الحداثة بعد. ويتصور لذلك أن بعض مظاهر "ما بعدها" هو منها (؟!)
  2. لأنهما ينتميان إلى المرحلة التاريخية نفسها، الرأسمالية في مرحلة الإمبريالية. 
  3. لأن "ما بعد الحداثيين" ينطلقون غالبا من الحس النقدي لـ"الحداثة" وستعملون مفاهيمها ومصطلحاتها التحليلية (=التفكيكية- التخريبية...)، بل وإن منهم مناضلين أيضا ضد الرأسمالية وضد الاستعمار (=القديم). غير أن "نقدهم" ليس تقدميا دائما (؟!). 
  4. لأنها، وعلى خلاف "الحداثة" ليست "عقلانية" ولا "تاريخانية" ... فلذلك هي لا تبين ولا "تبلغ" (تلغي علاقة اللغة بالواقع)، وهي تعتمد الفنون (الشكلية خاصة) من جهة، والتلاعب باللغة من جهة ثانية. فلا تحدد ولا تستهدف..بل تطلق العنان للعبارة وللتعبير. 
  5. تشتغل بالهوامش وعلى المهمشين، بالتالي على اللاموقف، وهي لذلك تقتصر على "رواية" شكاويهم واحتجاجاتهم. ثم تتخلى عنهم عمليا (؟!). 
  6. بل هي تنتهي إلى ممارسة للكتابة كتصوف يمتح من نفسه، لا من الواقع، ويكون ضحاياها لذلك، هم بالذات من تدعي الدفاع عنهم من مهمشي المجتمع الرأسمالي (وهو ما يفسر توظيف خطابها من قبل بعض "المفكرين" الإسلاميين المغاربة؟!).

إن شعار "تحرير الجسد" هو الوجه الثاني لشعار "تحرير الأسواق" والجسد عندئذ يمسي هو أيضا محض سلعة في سوق مفتوحة ودون قانون ولا إدارة حامية (؟!). 

لنتذكر أن النظرية الأصلية لـ"الليبرالية" كانت فوضوية، وضد النظام، وضد الواجب الحقيقي (الضريبة) وضد الإدارة.. ومع "اليد الخفية" للسوق، الاهها الحقيقي، وهم لذلك، عندما يحاربون جيوش البلاد المستضعفة، فإنما لتحويلها من حماية الأسواق والدفاع عن الحدود الوطنية، إلى حماية الحدود بين الطبقات الاجتماعية. (؟!)

إذا كانت "الحداثة" كأعظم منتوج للبورجوازية، قد انتهت إلى أن توظف من قبلهم لتبرير الاستعمار، باسم التحديث، فإن "ما بعد الحداثة" هي اليوم، وفي أهم ملامحها، منتوج ومبرر الاستعمار الجديد والإمبريالية. قديم الاستعمار على الأقل كان يهدم ويبني، يقتل ويحيى، أما جديده فهو فقط: يفكك، يهدم ويقتل... وينشر الحروب والفوضى والفتن والتوحش و(ما بعد الحداثة). 

"الحداثة" بالنسبة لشعوبنا اليوم، هي نفس ما قامت عليه في الغرب، التصنيع (والعلم)+ المجتمع المدني+ الدولة القومية+ الديمقراطية المركزية... 

تاريخ ومنطق وحاجيات...الحداثة، يقتضي التركيز على "واجب" الوحدة الوطنية والقومية، في مواجهة الاستبداد والتبعية، وليس الاختلاف، الذي يهم اليوم وأساسا جغرافيات "ما بعد الحداثة" التركيز من تم على "الحق في الاختلاف" مع الاستعمار، وضدا على عملائه، لا التبعية له باسم "العولمة" ...

وإذا كان لأفكار "ما بعد الحداثة" أن تفيدنا بشي، فهو قليل جدا أو غير واقف. وعلينا أولا أن ننجز "الحداثة" ونترك، لأحفادنا ربما، "ما بعدها" (العروي) .

إن الرأسمالية المحلية، لا تحتاج من مناضل أن يدافع عن قيمها "الليبرالية". لقد أضحت هذه "متوحشة" موضوعيا. ولدعاتها ما لا يحصى من وسائط النشر والدعاية، بل وتملك جميع السلط، وأهمها الإدارة، لفرضها ...بل وإنهم في الواقع يمارسون "حقوق" التصرف الانتحاري في أجسادهم، تخذيرا وتسليعا ومخاطرة... يهمهم من ذلك فقط، تعميم فسادهم شعبيا، سواء بتشريعه (إجهاضا...) أو إعلانه (تعريا أو إفطارا...) وذلك حتى يفككوا ميثاقه الديني ويحلوا روابطه المجتمعية ولحمته الثقافية. ويصيبوه بداء فقدان المنعة الأخلاقي- التقليدي، ومن تم العجز عن المقاومة. سلاحه الأمضى وحصنه الوحيد. 

إن من هم في حاجة إلى ألسنة المناضلين ومواقفهم، هم كادحو المجتمع، لا رأسماليته الخائرة. ومطالبهم الحيوية، بل والمصيرية معروفة لدى الجميع، الحق في: التعليم والعمل والأرض والصحة والسكن والعدالة وحياد الإدارة والوحدة والاستقلال الوطنيين والاتحاد المغاربي وتحرير فلسطين.... وجدارة المثقف أن يتذكر ذلك دائما، وينحاز إليه أبدا. وذلك من أجل المستقبل، لا مستقبلنا وحدنا كشعب وكأمة، بل مستقبل الإنسانية ومصيرها المهدد يوميا بالحروب وبالتوحش وبإلغاء الحدود عن الأسواق وعن الأوطان، وخوصصة القطاع العام، وإلغاء صناديق التضامن والدعم والخدمات الاجتماعية، وتفكيك الجيوش وإدارات الدول... 

أعتقد، أن هذه هي خلفية الكثير من "المواضيع" التي يسود نقاشها "الجدال" أو سواء التفاهم، عوض الاختلاف المنتج، وهي ما يجب استئناف النقاش حوله، لا عواقب تلك الموضوعات المصطنعة أو هوامشها. 

وهو أيضا ما يفسر بالمناسبة، ولو جزئيا، هذا اللقاء، بين من يعتبرون أنفسهم يساريين في الحداثيين، وبين بعض المنطلقين من مرجعيات دينية، وهو ما حدث ويحدث في كثير، أخصه مؤتمر بكين حول المرأة، والموقف الصيني والأزهري والكنسي (الفاتيكان) الموحد، من مسألة "النوع" (الجندر) الما بعد حداثية. 

الحداثة، ليست هي "ما بعد الحداثة" والخلط بينهما تدليس ضار بقضية الحداثة والحداثيين. و"ما بعد الحداثة" هي في حقيقتها، قدامة وردة لما قبل الحداثة، هي نقد للحداثة، هو في أكثره رجعي، لا تجاوز لها، ويستفيد منه في أوساطهم وأوساطنا الرجعيون منهم ومنا غالبا. 

هذا الخلط، يبعد عن الحداثة، أصدقاءها الموضوعيين، وحلفاءها الثقافيين، خاصة من فضلاء الإسلاميين وعموم المواطنين المتدينين، بل ويجعلهم يحاربونها، إذن يحاربون أنفسهم، تماما كما وقع لمفهوم "العلمانية"، التغليط والبلبلة والفوضى في المفاهيم، هي من أهداف "التخذيل" الرجعية في المجتمع والتاريخ، فعلينا لذلك أن نحذر، وأن ندقق، الحداثة ليست هي "ما بعد الحداثة" بل هي في استراتيجيتها، نقيض لها. 

وأشك بالمناسبة، في أن تنهض (أو يسمح) للرأسمالية المحلية أن تكون وطنية (ليبرالية أو إسلامية) وتنجز التحديث المطلوب. وحدها الاشتراكية التي تفتقد اليوم حملة رايتها وبرنامجها، تستطيع إنجاز مهمات الحداثة؛ استكمال الاستقلال والوحدة، وتحرير الأرض والاقتصاد والثقافة، وتحقيق الديمقراطية: انتقالا وسيادة ثم تحولا. 

سبق أن استخلاص "روني ديمون": الاشتراكية، أو التوحش والهمجية (؟!) وهذه اليوم هي الحداثة وهي "الديمقراطية". 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *