انطلق عبد الصمد بلكبير وكوكبته ... في منتصف 1984، في بناء صرح ثقافي عالي المستوى. اعتمد أولا على المقاربة الشمولية للقضايا
مقتطف من مذكرات العربي مفضال - زهرة العمر

Share this content:

بـيــان: إيران والشيطان: “إرادة الحياة”… تنتصر

إذا كانت الحروب عموما امتدادا للسياسات، فإن حروب اليوم، وهي عدوانية واستعمارية أساسا، أضحت تتوسل أسلحة خفية "ناعمة (=ثقافية – إعلامية- دينية – لغوية...) وهي أثبتت أنها أنجع: أقل خسارة، وأكثر مردودية عليها، مادامت تنتج عنفا متبادلا بين ضحاياها أنفسهم وبأيديهم (؟!).

من ذلك، أنهم يقللون، بل ويغطون، إعلاميا عن خسائرهم وهزائمهم، حتى لكأنها لم تقع (العراق أخيرا). ويبخسون في المقابل من انتصارات الشعوب.

ومن ذلك مؤخرا، انتصار إيران: إدارة وشعبا، على الامبرياليات وتوابعها الرجعية، وذلك بعد مقاومة وصمود أسطوريين... خاصة مع تحقيقهما في ذات الوقت، لمنجزات علمية وتقنية وثقافية وسياسية.. لا حصر لعددها ولا حدود لأهميتها (إيران هي الأولى عالميا في نسبة التقدم العلمي السنوي 17%).

هذا الانتصار، بقدر ما هو هزيمة لجميـع الرجعيـات الاستعماريـة والصهيونية بأقنعتها الدينية الثلاثة، وتفجير لتناقضاتها، وإفشال لمخططاتهـا العولمية المتوحشة وأبناكها الربوية وشركاتها الاستغلالية العابرة... بقدر ما هو انتصار لجميع شعوب الأرض، بمن في ذلك شعوب الغرب بالـذات. ودعـم لكفاحاتها الاجتماعية والديمقراطية.

لقد دأبت الرأسمالية الغربية على تصدير أزماتها الاقتصادية-الاجتماعية والسياسية الديمقراطية نحو شعوب الجنوب... وعليها الآن، وقد ارتد عليها ذلك، أن تعالج تناقضاتها بالعودة إلى شعوبها، وذلك بتحولات ديمقراطية عميقة وشاملة وهو، جدليا، ما يسهل الانتقال الديمقراطي لشعوب الجنوب، بعد أن كانت هي السبب الرئيس لعرقلته وتلغيمه (=الانتقال)... لقد بدأ في الأفول رهان توفير رفاهيتهم واستقرارهم.. عن طريق استعمارنا وتخلفنا وفـرض الاستبـداد في حكمنا... واليوم إما أن يزدهر الجميع ويستقر، أو لا أحد.

إنها بشائر استكمال التحرير والتحرر الوطنيين، اقتحام مرحلة "الاستقلال الثاني" للشعوب المستضعفة وناقصة السيادة، على مستوى الحق في البحـث العلمي والاستقلال الثقافي... شرطا التنمية المتواصلة (=المطردة) والمستدركة لأزمنة الاستتباع والاستعمار الجديد..

لقد انتصر منطق وأخلاق المقاومة، وتأكد فشـل الاستكانـة وسياسـة الانتهازية، وأحرى مواقف الجبن والعمالة... دروس التاريخ، يؤكدها صمـود الـراهـن.

وأيضا، فلقد انتصر الإسلام المناضل والديمقراطي، على إسلام الاستبداد وكذلك على الإسلام السياسي (=الرأسمالي-الأمريكي...) واتضح أنه القويم.

آن لشباب الشعوب المقهورة أن "ينفذوا في أقطار السماوات والأرض" بحثا علميا وتنقيبا عقليا، وكذلك مختبرات العلم في الغرب نفسه والتي تمنعها احتكارات وخوف الرأسمالية، من البحث الحر في جميع الحقول والمعضلات.

كما آن لاقتصادياتنا ومجتمعاتنا... أن تتوفر على المصدر الأهم للطاقة، وليس "خرافة" الحديث المتضخم عن الطاقات المتجددة.

كما آن للأطفال وللعجزة والمرضى... أن يحصلوا على علاجات فعالة وغير مكلفة.

كما أن لآلاف العقول المهجرة... أن تعود إلى أوطانها. وتساهم بالعلم في تقدم شعوبها (حوالي مئة ألف مغربي).

وهنيئا لجميع الشعوب، وفي المقدمة منها الشعب الفلسطيني، الذي لا يجد اليوم دولة وشعبا أكثر التزاما لكفاحه، أكثر من الجمهورية الإسلامية.

وهنيئا لشعب الشام، والذي لولا صموده الأسطوري في مواجهة أكثر من مئة دولة رأسمالية استعمارية أو تابعة... لما تحقق هذا الانتصار.

وهنيئا للعلماء الشباب المهاجرين، والرحمة لمن تمكن الاستعمار من اغتيالهم في إيران وغيرها (ومنهم مغاربة).  

وهنيئا للعقلاء وللفضلاء في الغرب نفسه... أولئك الذين صاغوا بيان إيرلندا، ومنعوا العدوان على سوريا، ويناهضون الحروب والفتن، ويطالبون بصرف الفوائض الاقتصادية علـى صحـة المواطنيـن وتعليمهـم وسكنهـم ورفاهيتهم... لا على إنتاج وبيع الأسلحة والمخدرات والقمار والعهارة...إلخ.

والخزي للتوابع، والعار على الكتبة والنباحين المرتزقة، ممن يزكونهم ويبررون الانهزامية والتخاذل والاستسلام للاستعمار.

ندعو بالمناسبة إلى: 

1-الإسراع في تطبيع العلاقات مع إيران وعلى جميع المستويات، خاصة وأن نفوذها الدبلوماسي اليوم، هو أقوى ممن "نراهن" عليهم في الغرب، وذلك فضلا عن مبدئيتها والتزاماتها الدينية والأخلاقية مع الوحدة الترابية للشعوب ومع استقلالها وسيادتها... ومع آل البيت.

2-توحيد ودمج مراكز البحث النووي المغاربية، نواة لاتحاد لاحق، يتجاوز المطبات ويفكك الألغام الموروثة عن الاستعمار والمرعية والمستثمرة من قبله، نظير ما صنعته أوربا (1957) مع الفحم والحديد حجر أساس اتحادها الـراهـن.

أكتوبر 2013         

 د.ع. الصمد بلكبير 

Share this content:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Share this content: