انطلق عبد الصمد بلكبير وكوكبته ... في منتصف 1984، في بناء صرح ثقافي عالي المستوى. اعتمد أولا على المقاربة الشمولية للقضايا
"مقتطف من مذكرات العربي مفضال "زهرة العمر
“القاعدة” والاستثناء

بين إرهابين: متوحش و"معتدل" ؟

ع. الصمد بلكبير 

تواتر ترديد مقولتين مترابطتين ومتكاملتين : 

1-"لكل قاعدة استثناء"، أو بالأحرى استثناءات، و 

2-الاستثناء يؤكد القاعدة.

ذلك يعني أن "الثوابت" أو "المقاصد" توجد في القواعد، وأن حالات الاستثناء الحافة بها أو المضطرة إليها أو... هي ظواهر عارضة، عابرة ومؤقتة... 

أتصور لذلك، أن هذه القاعدة (أو القواعد) تصدق على "القاعدة" والتي هي اسم أضحى اصطلاحيا، يدل على حركة إرهابية معاصرة، تتقنع بالدين وتوظف الإسلام إيديولوجيا لخدمة أهدافها السياسية، متحالفة في ذلك، أو متقاطعة، أو وكيلة... في تطبيق استراتيجيات دولية و/أو إقليمية.

هذه "القاعدة" الأم والاستراتيجية الرئيس، في إحداث الفتنة والفوضى في الأقطار العربية خاصة، لها مثل غيرها من "الثوابت"، استثناؤها العارض والوظيفي والمؤقت، هو ما اصطلح على اختصاره في لفظة "داعش".

إسمان إذن لمسمى واحد، تنظيمان وخطابان وتاكتيكان... لخدمة نفس استراتيجية الاستعمار الجديد في ظل الرأسمالية المتوحشة، وهدف الاستثناء (=داعش) هو خدمة القاعدة (=القاعدة). وذلك تسويغا لهذه الأخيرة بمختلف أسمائها (نصرة و...) باعتبارها بديلا "معتدلا" (=طيعا، منضبطا..) مقارنة بإرهابية وتوحش استثنائه الداعشي، "داعش" أسست إذن بهدف الإقناع (=فرض) بحل الوسط و"الاعتدال"، المتمثل في "القاعدة"، وذلك بعد أن فشلت هذه الأخيرة وحدها، وبأساليبها الأقل همجية وإرهابية، من استثنائها الداعشي، في فرض نمط "فكرها" وحكمها "الديني" الاستتباعي في حقيقته وعمقه.

لتقريب الصورة، وأوجه الشبه بين الحالتين عديدة، تخيلوا (أو تذكروا) حالات بعض الفتوة المنحرفين (الصعاليك) في الأحياء الشعبية، يستثمرون عضلاتهم وصفاقاتهم لأجل الابتزاز والاستئثار، غير أن الهوى قد يميل بأحدهم إلى الأجمل في أبكار الحي، وهو لذلك ومعها "يجاهد" في تنظيف منطقه وهندامه. عساه يخدعها، فتقبل به شريكا استراتيجيا لا عارضا ومؤقتا، ولأن "الطبع يغلب التطبع" فإنه لا يفلح، ويستمر قلبها في المقابل، متوجها نحو غريمه في الحي، شاب نظيف، أمين ومخلص...

بديل الصعلوك عندئذ، أن يؤجر زعرانا (من أتباعه أو اتباع غيره من أمثاله في الأحياء المجاورة) ويدربهم على تعنيف أسرتها والتشهير بالغريم ومحاصرته وتفقيره من جهة، واستفزازها هي، والتحرش بها ومطاردتها بأسوأ التصرفات وأفحش العبارات، لعلها عندئذ توازن بين الوضعين و"تختار" أهون الشرين (؟!)

هذه هي اليوم حالة "داعش" وتوظيفهم لـ"الداعشية"، فهي محض مناورة من قبلهم، أو في الأقصى توظيف تاكتيكي، لأوضاع وطاقات شعبية، هي في الأصل "همجية" في وعيها وفي شروط حياتها. أما هدفهم "الثابت" فهو الهدف الأصل، تعميم "حكم" القاعدة وأخواتها من مخلوقات المخابرات الأطلسية-الخليجية، من تسمى زورا بالمعارضة "المعتدلة" (مع أنها مسلحة وإرهابية) وذلك بديلا وحلا "وسطا" عند التفاوض، عن "المعارضة" المتوحشة. والحال أنهما وجهان ومرحلتان لاستراتيجية واحدة، هي الاستعمار الجديد وسيادة الليبرالية الجديدة على حساب استقلال الشعوب ولنهب ثرواتها (=القطاع العام) والسيطرة على أسواقها والقضاء على سياداتها (جيوشها وأمنها) واستقرارها...

12/07/2015

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *