ع. الصمد بلكبير
ليس بين الدين والسياسة (=الدولة) علاقة، بل علاقات [توازي-تعاقب-تمفصل-تقاطع...وحتى تطابق] جدلية، دينامية دائمة. وذلك حسب الشروط الاجتماعية التاريخية العينية...
وأيضا، فإنه لا توجد سياسة، بل سياسات. وهي عندما ترتبط "بالدين"
أو يرتبط بها، تخرجه من نطاقه، نحو "إيديولوجيا" دينية، يحصل ذلك من قبل من يحكم، بدافع توفير مشرعية الاستمرار فيه، أو من قبل بعض معارضيه، من أجل المشاركة فيه، أو حتى الاستئثار به دونه، يستحيل لذلك تصور انفصال مطلق بين الدين وواقع توظيفه إيديولوجيا وسياسيا.
لاشك أن الحدث العلماني (أو المدني)، يعتبر الأفضل تاريخيا لتوازن علاقتهما، ما يعني "حرمان" الإدارة من "سلاح" الدين. ومن تم احتكاره من قبل المجتمع، لمكافأة أدوات سلطانها وقهرها المحتمل (جيش، أمن، قضاء...إلخ) وفرض التوازن المطلوب بين إدارتي المجتمع والدولة.
غير أننا في ميادين الحياة اليومية للشعوب والدول. نلاحظ أن المعضلات، لا تكمن هنا. بل في تناقضات السياسات، التي توظف الخطاب الديني ومؤسساته، فالأهمية لذلك، تكمن هنا، فحيث تكون السياسة العملية، حكما أو معارضة، شعبية تقدمية مثلا، فإن التوظيف يكون مطابقا لمقاصد الدين (الفطرة)، وحيث العكس، يحصل العكس، وتتضاعف المطالبة بالفصل (=العلمانية) أو يقع النزاع حول من له مشروعية التوظيف السياسي للدين.
لم يطرح أحد في التاريخ، السؤال على حاكم عادل في حكومة إصلاحية، يوظفان الدين سياسيا(؟!) غير أن الأنظمة الظالمة أو التابعة والتي توظف الدين لتبرير قمعها. هي من يدفع المجتمع، إلى توظيفه سلاحا سياسيا ضدا على فسادها.
في فلسطين المحتلة مثلا، ثمة نظام حكم استعماري، يوظف الدين سياسيا (الصهيونية) وفي مقابله حركة تحرير وطني، تعمد هي أيضا لنفس الصنيع. صوريا هناك تشابه، وفي المضمون صراع وجود (وليس تحرر فقط) وهل ثمة أكثر من الدين، معبئا للمقاومة وللاستشهاد، وبدونهما لا استقلال سياسيا ولا سيادة(؟! )
مشكلة "الإخوان" هي في السياسة، في نمط توظيفهم للدين كإيديولوجيا، وذلك غالبا ضدا على سياسة (الناصرية) كانت تحررية، تحديثية... مناهضة للإقطاع وللاستغلال وللاستعمار وللتقليد. لقد كانوا عمليا ضد الإصلاح الزراعي وضد القطاع العام. ومع أمريكا وضد التحالف مع الدول الاشتراكية، وضد تحرير المرأة... وهنا كان موضوع الصراع، لا في الدين ولا بالأحرى في التدين أو حول عقائده أو مؤسساته أو تشريعه...
وهو نفس الصراع، الذي ما يزال قائما حتى اليوم. سواء تلبس بالدين،
أو تحرر من ملابساته، وهو في النهاية، ما يفسر هذا التقاطع، بين التأويل الصهيوني (الإرهاب المتوحش) لليهودية كما للمسيحية أو للإسلام أيضا، وذلك في مواقف سياسية تكاد تمسي متطابقة بينهم, يوما عن يوم (؟!)
Share this content: