انطلق عبد الصمد بلكبير وكوكبته ... في منتصف 1984، في بناء صرح ثقافي عالي المستوى. اعتمد أولا على المقاربة الشمولية للقضايا
"مقتطف من مذكرات العربي مفضال "زهرة العمر
الديمقراطية بين حالتي :  الانتقال والتحول

د.ع الصمد بلكبير

لاعلاقة  للديمقراطية الحديثة والمعاصرة ب " ديمقراطية " اليونان ، إلاعلى  مستوى التشبيه والتقريب ،  وإلا فان ابسط شروطها (الديمقراطية ) الابتدائية  كالمساواة  مثلا ، لم تكن متحققة في مجتمع عبودي كاليونان ،ناهيك عن شروط اخرى عديدة لم تكن متوفرة  ولا ممكنة ...

تميل اللغة (  نطقا  وكتابة  )إلى الثبات . وقانون الأحداث والأفكار .... هو التغير والتطور ، وهذا بعض من مصادر الالتباس وسوء التفاهم 

الديمقراطية هي  أهم منتوج للحداثة ،  إذن للعصر الحديث  ، احتاجت لقيامها كنظام للحكم،  قمته التداول التنافسي  والانتخابي على السلط ، احتاجت  لبلوغها،  إلى ممهدات وتجارب أهمها : النهضة والإصلاح الديني والتنوير  ، قبل قيامها في شكل ثورة اجتماعية  ( فرنسا)  أو وطنية (أمريكا)  ثم دخلت في سلسلة تحولات لتوسيع نطاقها أو تعميق محتوياتها على جميع مستويات بنائها : الحريات ، حقوق المواطن و  الإنسان والأقليات والجهات ـ فصل السلط ـ حياد الإدارة ....

ومن عبث التاريخ  ( مفارقاته وتناقضاته)  أن يتم  ذلك في الغرب عن طريق  تصدير معضلات انتقاله،  ثم تحوله، نحو أراضي وقبائل وشعوب،  القارات غير الاروبية ( أسواقها وثرواتها  وتوطين فوائضهم البشرية بها  )

انفجرت تناقضات الرأسمالية الاستعمارية  في حربين  عظميين ، فسمح ذلك بتعميق وتوسيع للديمقراطية في أنظمتها ( المرأة والشباب الطبقة العاملة و الحريات...) ومن ثم أيضا، في  العلاقات الدولية  ( تقرير المصير والاستقلالات السياسية  ثم  الأمم المتحدة ...)  ومثل ذلك،  الانتقال  الأول لشعوب ودول المستعمرات نحو الديمقراطية .... مرفوقة بالتنمية والسيادة ... الخ 

 الاستقلال الثاني للشعوب،   سواء كمقاومة ( فيتنام )  او كدولة( الصين) دفع   بالرأسمالية  المعولمة إلى الضغط على مخلفاتها الاستعمارية ( اليونان ، اسبانيا والبرتغال )  والعنصرية ( جنوب افريقيا)  ومساعدتها على  تحقيق انتقال هادئ ،سلمي وتوافقي ... نحو الديمقراطية ،مستفيدة من  خبرات سوابقها  دون تطرف او عنف في الصراع ، كما حصل في تاريخ الانتقال الديمقراطي الغربي  الحديث 

هذا النموذج في الانتقال المتوافق عليه  من ضفة الاستبداد،   إلى ضفة الديمقراطية ، يخضع لمنطق وقوانين، غير منطق وقوانين التحول ، قانون الديمقراطية  هو : صراع توافق، صراع . أما الانتقال، فقانونه هو : توافق صراع توافق وهو يحتاج إلى: 1 ـ   نواة صلبة  من تكتل المعتدلين في الطرفين على حساب متطرفيهما  2 ـ  تدرج  ن تختلف اولوياته ، حسب البلد  3 ـ مضمون البرامج الحكومية ، اصلاحي انقادي ، رغم أن الوسائل قد تكون ثورية (  حالة "الربيع"  إياه)  4 ـ  مجتمع مدني  مستقل (= وطني)  5 ـ نخبة عالمة راشدة وطنية  وغير أنانية 6 ـ دعم خارجي  واحتضان اقليمي ودولي.... 

 ولان العالم الراهن هو سوق (وليس قرية)  واحدة ، فلقد اضحى أفق جميع المتاخرين عن ركبه ، هو تحقيق الانتقال بشروط الذين سبقونا باحسان ( امريكا اللاتينية خاصة) .أما ديمقراطية  الفيضان بالصناديق  ( جزائر 92) أو  بالانقلاب المدني ( مصر تونس)  او الفوضى ( ليبيا) فهو  لعبت عينه والمراوحة في المكان ، وإضاعة الوقت بإعادة إنتاج نفس منطق الإقصاء الذي   ميز أنظمة الاستبداد، وسينتهي عندئذ و بعد الانتخابات،  الى التوسل ، بنفس وسائله، اضطرارا  بالطبع لا خيارا في الغالب  

الذي يشتغل بالمنطق الذاتي (= الطمع)  ينتحر، ذلك لأنه يشتغل (يناضل )خارج منطق الضرورات ( قواعد  الوعي بالإجتماع البشري والسياسة والتاريخ )  فيبحث عن أذنه ويعود بعد 3 سنوات، إلى آلية التوافق ( اليمن ،  تونس )  وستعود اليها البقية،  إذا كانت النية هي درأ التقسيم ( ليبيا سورية ، مصر ...)

بقيت فكرة أخيرة ثمة جدل كوني، بين الانتقال والتحول الديمقراطيين هنا  وهنالك ، إن كل تقدم  لشعوب الجنوب والشرق، في انتقالها الديمقراطي،  هو دعم للتحولات الديمقراطية في الغرب ،والعكس صحيح  تماما  ، ولعل من  اهم معيقات انتقالاتنا ،هو تعثر تحولاتهم، و انعكاسات ذلك عليهم ( البطالة  العنصرية ) وعلينا ،في صيغة الاستعمار الجديد موضوعنا المقبل

الخلاصة :  نحن في الوطن ( أو العالم ) العربي بصدد الانتقال الديمقراطي  لا بصدد الديمقرايطة . ولا بالأحرى ، بصدد التحول الديمقراطي ، كما يتصرف  بذلك عن خطأ الكثير من النخب العربية،   دون علم وبأخطاء قاتلة في الممارسات الحزبية النقابية والثقافية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *