ع. الصمد بلكبير
" الفوضى العارمة " هي المقترح التنفيذي من قبل الاستشراق الأمريكي (برنار لويس) واليسار الانتهازي( التروتسكيين) لاستراتجية" الحروب الناعمة "والتي تمثل الجيل الرابع من تاريخ الحروب الحديثة في ظل سيادة الأنظمة الراسمالية .
فمع تطور ونمو المقاومات الشعبية للاستعمار: قديمه وجديده ،ومع التطور النوعي لأسلحتها ( الصواريخ) لم يعد مجديا للاستعمار ، حصار القلاع من خارجها ، بل عن طريق اخترقها أساسا: إيديولوجيا ، ثقافيا ، سياسيا ومخابراتيا ... ما يسمح باصطناع الصراع في أوساطها وتغذيته وتفجيره داخليا، بما يؤدي مكوناته إلى إضعاف مكوناته جميعا ،وذلك من خلال حروب حدودية أو أهلية : جهوية ـ لغوية ـ مذهبية ، قومية وطائفية ..
بعض من ذلك، دبر للوقفتين التضامنيتين الأخيرتين في كل من الرباط ومراكش مع غزة والمقاومة الفلسطينية ،والتي دعت إليها "مجموعة العمل" ، وبقية الأحزاب والنقابات ... المناضلة
في الحالتين لم يقع منع ولا حتى حضور أمني فاضح .ذلك لان المخطط كان هو الاختراق و"الفوضى" المدبرة والمنظمة سلفا ،وهو ما كان متوقعا ،وكان في نفس الوقت مختبرا تجريبيا للتعرف عيانا على ما قد يدبر لاحقا ..
وبالفعل، ورغم استجابة الجميع تقريبا للوقفة في نسختها 2 بمراكش ومن خلال التفرس في التحركات بعضهم ، وتأمل ملامح وتصرفات بعضهم ، يمكن الخروج بالدروس والخلاصات التالية :
1 ـ يتركون الحلقة تتشكل دون تشويش ويسمحون لأولى الشعارات العامة الموحدة بالترديد ... ثم فجأة يمرر شعار نشاز يعتبر بالنسبة لمكون سياسي في الوقفة ،استفزازا .
لا يطرح الآخرون المسالة على ممثلي الهيأة المنظمة ، بل يبادر "المدسوس" إلى ترديد شعار آخر مناقض هو رد على الشعار الذي اعتبر استفزازيا.
2 ـ وقع الانتباه إلى مخطط الاصطدام المدبر تدريجيا، فعملنا إراديا على فصل الارتباط بين وقفتين، هما في نفس الصعيد وحول نفس الموضوع وان بشعارات مختلفة مع الاستمرار، و نجح التدبير ... فإذا باحتياط ثالث .
3 ـ احدهم جاء بزمار دراجة طفق يطلقه بشكل مزعج ، وحينما وقع تنبيهه ، انطلق يصيح محتجا على (تفريق الوقفتين مع أن القضية واحدة )يشتم الطرفين ويدعو صارخا إلى إعادة اجتماعهما وذلك طبعا من اجل تسهيل مخطط اصطدامهما .(؟( !
4 ـ بدأت شعارات إحدى الوقفتين تخرج عن الموضوع نحو القضايا المغربية (الانتخابات ) وتخرج عن منطق الوحدة الذي يتطلبه التضامن مع قضية مشتركة بل ومقدسة .
تدخلنا غيرما مرة ، وتمكنا من لجم الاندفاع المدبر، ونجحت الوقفتان: صعيد واحد وتوقيت واحد وموضوع واحد واحتجاج على الاستعمار والرجعية واحد وتضامن مع غزة والمقاومة واحد ...) في تحقيق الهدف منها ، وفشل المخطط عدا في الدفع بالبعض، نحو الابتعاد، أو حتى الانسحاب من ساحة الوقفتين .
ما يهم من كل ذلك ،هو توصيف خصائص" المندسين " وذلك من خلال هذه التجربة كيف نعرفهم ونتعرف عليهم ونبعدهم من الصفوف مستقبلا وهم دائما قلة قليلة ، غير أنها مغرضة منظمة وموجهة بذكاء المخابرات
" تعرفهم من سيماهم " " وسيماهم على وجوههم" :
1 ـ يظهرون حماسا انفعاليا زائدا ،فإذا أنت حاولت ضبطهم انفجروا في وجهك ، وكأنك أقل منهم تأثرا ، وأنهم أخلص منك للقضية ،ولذلك عليك أن تتركهم يرددون ما شاءوا من شعارات الفتنة والتفرقة بل والاصطدام .
2 ـ يرددون شعارات استفزازية لمكون ما من مكونات الوقفة أو التظاهر ويتجاوب معهم في الطرف الآخر، أشباههم في المهمة التخريبية ، فيرددون شعارات استفزازية مضادة
3 ـ ثم ،وفي لحظة تصعيد لاحقة يخرجون رأسا عن موضوع وهدف الوقفة نحو شعارات جانبية، وعندما تنبههم، لا ينضبطون، ويبدأ الاحتكاك والمناوشات ، لتنتهي نحو الاصطدام والعنف المتبادلين ... وذلك حتى يقال إعلاميا إن الشعب المغربي منقسم حول فلسطين ،لا بين " يحي عياش " " وابو علي مصطفى" فهذان هما في الميدان مقاومة واحدة ... بل بين الشعب الفلسطيني والكيان للصهيوني؟ وهذه إحدى أهم وظائف الإعلام الاستعماري هذه المرة ، لم ينجحو في تحقيق هذا الهدف القذر حتى الآن (؟( !
الصهاينة حيث كانوا موحدون ومنضبطون ،والمناضلون هم اليوم بمختلف مراجعهم الإيديولوجية ،متفرقون ومخترقون ،فعلى كل فريق منهم ، ومن اجل المستقبل أن يضبط المناضلين ، ويطرد المندسين في وسطه ، وذلك بمقياس بسيط، هو الانضباط في ترديد الشعارات وفي الانفعالات المصطنعة غالبا .
وأيضا فعلى التحركات الوطنية التضامنية مع قضية الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة ... أن تبتكر وسائل أخرى جديدة تمنع الاختراق ، وتحول دون استغلال الوقفات والتظاهرات من قبل صهاينة المغرب متياسرين أو متأسلمين ..قناعا
إن المقاومة الفلسطينية موحدة السلاح ضد ا على عدوها وعدونا الاستعماري ، والمفروض أن يكون المتضامنون معها كذلك أيضا وبالأحرى .
خلاصة : الرأسماليات الفرعية والتابعة ، تمتح من معين جرائم الرأسماليات الاستعمارية في الغرب ،ومن ذلك، الرهان على مخططات " حصان طروادة " فلنبادر جميعا واستباقيا للتصدي ومحاربة الداعشيات المحلية : السياسية والنقابية والثقافية وذلك قبل أن تستفحل وتتجذر .
ع.الصمد بلكبير
Share this content: