انطلق عبد الصمد بلكبير وكوكبته ... في منتصف 1984، في بناء صرح ثقافي عالي المستوى. اعتمد أولا على المقاربة الشمولية للقضايا
مقتطف من مذكرات العربي مفضال - زهرة العمر

Share this content:

البربر : مشارقة في المغرب

"جذر (هوية، أصل...)  الإنسان، هو الإنسان"

لا يقل عمر البشر عن ستة ملايين عام. بالكاد نعرف تاريخ ستة آلاف عام منها، فعن أي "أصل" يتحدث "الأصوليون" ؟! فصل الخطاب، يوجد في المأثور: "كلكم لآدم، وآدم من تراب". ما يقرر مصائر الأفراد والجماعات، هو المستقبل لا الماضي، هو الحرية لا الضرورة، هو "التنافس في الخيرات" بجميع أنواعها المادية والثقافية-الأخلاقية...

أطروحة "الأصل" تنتهي حتما ومنطقا إلى الميتافيزيقا، إلى التأويل الإقطاعي للدين (=الغيب)، ذلك لأن لكل "أصل" أصل... وهكذا. مع ذلك يدعى بعض "الأصوليين" أنهم "حداثيون"؟ ! نظرية "الأصل" وعي أسطوري في "الأصل".

مفهوم "الأصل" (الجوهر، الثابت، الهو والهوية...) يعود أصلا إلى نمط الفكر الأسطوري، أي إلى ما قبل التاريخ، ما قبل العقل، ما قبل الدين وما قبل الكتابة والدولة... 

جميع الأساطير، هي بحث عن أصــل الظواهـــر (الوجـود، العالـم، الطبيعـــة، الحياة، الإنسان،  القيم والأخلاق...) ذلك قانونها (الأسطورة) الرئيس.

عندما تمكنت الإنسانية من تغيير محيطها الطبيعي تدريجيا، بدأت تغير نفسها وتنتج حريتها وتؤسس للتاريخ، أي الدولة والدين والعقل والكتابة... وبذلك تجاوزت ما قبل تاريخها، مرحلة الوعي: السحري، الخرافي، الأسطوري، الإحيائي ثم الوثني... غير أن الايديولوجيات الطبقية الرجعية، ومنها الاستعمارية اليوم، سرعان ما ترتد على ذلك "التراث" لتعيد إنتاجه، وبالتالي توظيفه لاعقلانيـا لخدمـة مصالحهـا الاستغلاليـة والتسلطيـــــة...

على هذا المستوى، تعتبر الأصوليات اللغوية-الفولكلورية، رجعية جدا، مقارنة بالأصوليات الدينية. عواقب الأصولية الهوياتية لا حصر لسيئاتها: الخلط بين الثقافة والفولكلور / بين الثقافة واللغة / بين اللغة والكتابة / بين الدولة وإدارة الدولة / بين المجتمع والدولة / بين الثقافة والوطنية / بين الوطنية والقومية / بين الذاكرة والهوية / بين الهوية والخصوصية / بين الحق في الاختلاف وضرورة الاتحاد / بين التعدد والتنوع / بين الدين والدولة / بين الفرنسية والفرنكوفونية / بين الإرث والتراث / بين الماضي والتاريخ...إلخ.

عمليا، "الفوضى" =قانون أزمة الرأسمالية اليوم، والتي تسعى الامبريالية للتخلص منها عن طريق تصديرها نحو عقول وأسواق وشوارع... شعوب ودول الجنوب المستضعفة، عن طريق نشر وإشاعة... الايديولوجية "الفوضوية" (قنوات – صحف – دور نشر..).

*        *       *

جميع ساكنة الشمال الإفريقي هم مغاربة، قرروا مصائرهم وهم أحرار بل وسادة، منذ مئات السنين وكل ربط لمطالب الإصلاح والتحديث بمنطق وأهداف الاستعمار التفتيتية، هو اغتيال لهما، الأصوليات الهوياتية، جميعا ملة (=ايديولوجية) واحدة، وجذر الأصوليات عندنا هو الهيمنة بل سيطرة الفرنكوفونية.

جميع الايديولوجيات "الأصولية" عنصرية ثقافيا ورجعية بل وإرهابية سياسيا. (أشهرها اليوم الصهيونية، بمرجعياتها الدينية الثلاث.)

Share this content:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Share this content: