د.ع. الصمد بلكبير
توسل طلائع الاستعمار من المستشرقين لمعرفة (=للتسلط) على مقدرات ومصائر مستعمراته. بالخلعاء (المنحرفين) من أبنائها، ذلك كمخبرين له عنها وعن تناقضاتها..
جديد استعمار اليوم، هو تحويله الخليع إلى مستشرق أيضا. وذلك بوسائط وخدع وإغراءات شتى، انطلاقا من المدرسة والجامعة، إلى مراكز "البحث" والندوات المؤدى عنها والإعلام الخاص المدعوم غربيا. والكثير من جمعيات المجتمع "المدني"...إلخ نقتصد عليه بذلك المصاريف، وضاعف الفاعلية وكثف الوسائط وبالتالي التمويه والتضبيب والتشويش..
من ذلك مثلا حديثهم عن "أنظمة الاستبداد"مع أن هــذا عـرض، لجوهـر هو"الاستعمار الجديد". وعن "الحكامة" وهي صيغة مهذبة لتعليمــات البنكيــن الامبرياليين "العالميين". ومن أجل الاستعاضة بها عن ديمقراطية الشعب في السلطة وفي الثروة.. فـ"الحكامة الجيدة" = التبعية الجيدة.
ويقدمون الصيغة المستحدثة للاستعمار على أنها "الحداثة"، ولا علاقة للحداثة في تاريخهم بالتبعية أو بحكم الأقلية أو بالفوضى أو بالشعبوية...
ويخلطون بين الديمقراطية و"حكم الأغلبية". ويقدمون "حقوق الإنسان" على حقوق الأوطان والقوميات والدول.
ويستعيضون عن: التحرير وعن التحرر، وعن "الحريات الديمقراطية"، بشعار عام ومطلق عن "حرية" (يركزون فيها على الإعلام خاصة ؟!) بمعنى الفوضى.
ويجردون إدارات الدول من حق "احتكار العنف" هذا مع أن انتصار "الحداثة" على القدامة الرجعية والظلامية عندهم.. لم تستكمل اضطرارا إلا به...
الرأسمالية الامبريالية اليوم تخلت عن كل القيم الحداثية والليبرالية والعقلانية والعلمانية... التي تأسست بها، ولا تريد لنا استعمال نفس السلم، بل فقط الانقياد وراء راهنها المأزوم وامتصاصه، وتحولنا إلى مطارح لأزبالها وقاذوراتها الإعلامية.. وسقط متاعها "الثقافي"وهذا ما يقف على التنظير له وإشاعته"المحافظون الجدد"في الغرب وأدواتهم من"مثقفي التبعية"في الجنوب المستعمر أو المستضعف، وما تقف على تنفيذه الآلة العسكرية والسياسية والإعلامية الامبريالية وفروعها المحلية عندنا...
ليس ما يحتضر في الغرب الرأسمالي اليوم هو المؤسسات الاقتصادية وحسب بل والسياسية (الديمقراطية) والثقافية (الإنسان) كذلك وبالأحرى، حيث تتحول ويوما عن يوم إلى محض إعلام ودعاية وصور وأشكال واستعراض وفرجة وجسد ومخدرات وعبث وفوضى وموضة وشعبويات... إلخ.
فضح نظرية "سحب السلم بعد استعماله في الصعود" والكشف عن حقيقة دعاته المأجورين أو المغفلين عندنا. هو ما يقف على بسطه والتشهير بمنطقه وإستراتيجيته.. هذا الكتاب.
2012
Share this content: