د.ع. بلكبيــر
الإرهاب هو وعي قبل أن يكون أفعالا، غير أنه وعي ما قبل الايديولوجيا. إذن ما قبل السياسة بالتالي ما قبل الدولة وتشكيل الشعوب والأوطان... بل ما قبل الدين وأحرى العلم.
هو وعي خليط بين الخرافة والسحر و"أساطير الأولين"، وهذه جميعا تحتفظ بها اليهودية المحرفة... ولذلك فهو أيضا لحظة من محاولات "تهويد" الإسلام، كما حصل منذ نشأته وخلال مساره عن طريق ما يعرف بـ"الإسرائيليات". وحركاتها (القرامطة والحشاشون خصوصا)
أما القاعدة الاجتماعية له، حيث حقل اقتناص وصناعة الإرهابيين، فهي هوامش المدن، موئل الفائض البشري للبوادي والقرى، بالتالي ضحايا نزع الملكيات الصغيرة بأساليب الغش والتسلط وانعدام الدعم والتفقير...
المهمشون هؤلاء، يعاينون الفوارق المجحفة، الظالمة والسفيهة... في الأحياء الراقية للمدن.. ويعرفون من فضائحها ما لا يعرفه أرباب أسرها، بل ولا تعرفه المخابرات نفسها (السواق-الخدم-المهربون-تجار المخدرات-اللصوص –العاهرات-المخبرون-سماسرة الانتخابات...) بل إنها (المخابرات) لتعتمد عليهم في الكثير من حالات الاستخبار...
هذا الإخراج المنهجي لهم، من دورة الإنتاج، بل ومن دورة الأمل في دخولها/ ومعرفة الحقائق المباشرة عن سفه "السادة" غير المحترمين/ ومنع الأحزاب والنقابات من تأطيرهم/ وتدني وضعهم المادي/ ووعيهم الفكري والسياسي البائس.../ هو بعض ما يجعل منهم، حقلا خصبا لتبني العنف واحتقار القيم والاستعداد للموت (=الانتحار) والتخلي عن العقل وعن التعقل وعن الفضائل جميعا، لأنها لا نفع منها لهم، ولا تحل لهم مشكلا، بل وإنها في الواقع الملموس لا تمارس من قبل دعاتها أنفسهم، فهي إذن محض نفاق وخداع ورياء (=إيديولوجيا).
يلتقي هذا الوضع العربي-الإسلامي، بلحظة انحدار الرأسمالية العالمية، في المراكز وفي توابعها، إلى درجة من الثراء الفاحش والاستهلاك السفيه والتوحش الحيواني-الغابوي، حيث العنف اليومي والعري والجنس المثلى وتوريث الكلاب والاهتبال بالجسد والجنون على حساب العقل والفضيلة والحضارة والعلاقات الإنسانية... وجميع ذلك تختصره أيضا حالة تهويد المسيحية في "الإنجيلية" الصهيونية...
إن هذا هو بعض ما يفسر هذا الالتقاء، بله التطابق، ما بين العولمة الرأسمالية الربوية المتوحشة، وما بين التأسلم التكفيري والإرهابي، الذي يتوسل التخريب والهدم والذبح والإحراق والتمثيل بالجثث وأكل القلوب والأكباد. إنها الهمجية الأولى والحيوانية في الغابة، ما قبل الدين وما قبل الدولة وما قبل الأخلاق وما قبل السياسة.
الإرهاب "وعي" فاسد وهمجي.. ولكنه أيضا، الوجه الآخر لوضع اجتماعي وسياسي فاسد غير معقول وغير مشروع. وأيضا لتوظيف مدبر له، من قبل الرأسمالية الإمبريالية المتوحشة والمتهودة.. في الغرب.
وهو أيضا ما يفسر أن "الله الرحمان الرحيم" لا حضور له في وعيهم كما في ممارساتهم. مع أن هذه الصفة، هي ما يفرق جوهريا بين إله الإسلام وإله اليهودية المحرفة: العنيف، العنصري، غير الرحيم ولا المتسامح.
قرائن: دور برنار لويس وهنري ليفي في "الثورات" / القتل بالحرق وبالتصليب / هدمهم أضرحة الأولياء / والدجل التخريفي لبوش 2 وتلقيه "الوحي" لا يختلف في شيء عن دجلهم.