اشتراكية الفطرة
أول نظام اقتصادي-اجتماعي وأخلاقي-معرفي عرفته البشرية، كان هو النظام الاشتراكي الشامل. لا، بل إن هذا الاختراع-الفطري الجبار في علاقات البشر مع بعضهم، وعلاقاتهم بمحيطهم الطبيعي. كان هو الذي أهلهم وحولهم من التوحش إلى التمدن، ومن الهمجية إلى الحضارة، ومن الجهل إلى المعرفة ومن التقليد إلى الابتكار ومن الفوضى إلى النظام ومن القوة والعنف إلى القانون، ومن الغرائزية إلى العقل والتعقل... لقد دامت الحيوانية (6 ملايين عام) والبشرية (منذ حوالي 100 ألف عام) ثم إلى الإنسانية باختراع اللغة (50 ألف عام) ثم الكتابة (3000 عام)، والسلوك طبقا لقواعد اجتماعية-أخلاقية... وبالتالي تأسيس الضمير (=الدين والتدين) ثم إدارة الدولة.
هذا هو الأصل والباقي فروع، ذلك لأن خروج البشرية من نعيم الجنة الاشتراكية في علاقات الناس مع بعضهم البعض: العمل الجماعي/ المحبة / التضامن / الصدق... "أسنان المشط" إلى جحيم التزاحم: الكدح / العنف / الصراع / الغدر / النفاق / الغش / والكذب...إلخ. وذلك بالتحول من الملكية الجماعية للأرض وللثروة... إلى الملكية الخاصة لوسائل الاستعباد (في القديم) ثم الاستقطاع (في الوسيط) ثم الاستغلال الرأسمالي والاستعماري السائد منذ حوالي 400 عام، والمحتضر اليوم.
حدث ذلك، منذ تأسيس إدارة الدولة، ومن تم إدارة الدين، من قبل موظفين مختصين في إنتاج وإعادة إنتاج "الإيديولوجيا الدينية" المحرفة للدين، في خدمة الدولة وأسيادها.
جميع الأنبياء والرسل والمصلحين والأولياء... عملوا على استرجاع الدين لأصحابه (=المجتمع) سلاحا للمقاومة. وهو ما اقتضى تجريد إدارة الدولة منه، ومن تم توظيفها له إيديولوجيا للتضليل والتحريف والقمع... غالبا.
هذه المعركة مستمرة ما تزال، جزءا لا يتجزأ من بقية معارك البشرية من أجل الاشتراكية. وأبو ذر كان لحظة بالغة الإضاءة من ذلك التاريخ المجيد لاسترجاع الدين إلى أصحابه، والإنسانية إلى العقلانية، والخروج من الهمجية والتوحش، إلى الحضارة والتمدن وإلى أمن وسلام ورخاء يعم البشرية في جميع أقطارها.
ع. بلكبير
Share this content: