وارث سر التباع، ومجدد "الجزولية"، خديم الفقراء، و"سلطانهم في الدنيا والآخرة" كما لقب نفسه، الغوث والقطب (أعظم من السلطان) والإمام وشيخ المشايخ بإجماعهم، ثم انتهى "صاحب الوقت".

تنقل في مختلف مناطق المغرب، متلقيا عن مشايخه، آمرا بالمعروف ومقاوما بيديه أحيانا لمنكرات عصره، معمرا الأرض، مستنبطا للمياه، منظما للسواقي ومهندسا فلاحيا وزراعيا مبتكرا وناجحا، مصلحا بين العشائر والقبائل (=قضاء شعبي) ومعالجا للمرضى (العيون/ النساء خاصة) وداعيا للطريقة: مؤطرا ومنظما لاتباعها، فلم يترك صقعا في الوطن دون تربية مريد، يصبح شيخا لزاوية ثم وليا لضريح: كالدقاق، الطالب، التليد اليلصوتي، الشاوي (الشهيد) ابن حساين، ابن ساسي، ابن رشون، ابن عيسى، اللواح، الجابري، الهبطي، رضوان الجنوي، الأخوين الزياتي، العوفي، المصمودي، عائشة بن أحمد... إلخ وغيرهم كثير في جميع أنحاء المغرب.

تخوف من شعبيته السلطان المريني، فاعتقله، ثم فرض عليه الإقامة الجبرية. كان ذلك إيذانا بنهاية دولته. وقيام بديلها السعدي بمساهمة الشيخ... 

مثل أقصى حالات التقاطع والتلاحم بين الثقافتين: العالمة والشعبية، والعلاقة العضوية بين المثقف وشعبه. وذلك هو بعض سر التمجيد، الذي بلغ حد ابتداع الأساطير والخوارق التي نسبت للشيخ في حياته، وبعد وفاته، من قبل أتباعه، كما من قبل عموم المفتقرين والنساء منهم خاصة. وذلك حتى يومه. (ضريحه ملجأ للمطلقات والمعنفات).

هذا البعد الشعبي: الاقتصادي – الاجتماعي، التربوي والسياسي لتصوفه لم يبتعد به مع ذلك عن إغناء التصوف العالم: النخبوي، العقلاني والإنساني، مدرسة ابن مسرة ثم ابن العريف وابن برجان دفيني مدينة الأولياء مراكش، التي مازالت تنتظر حفدة جديرين بوراثة واستخلاف بناتها العظام، ومهندسي فلاحتها ووجدان وأخلاق... ساكنتها من أمثال الغزواني.

ع. بلكبير