انطلق عبد الصمد بلكبير وكوكبته ... في منتصف 1984، في بناء صرح ثقافي عالي المستوى. اعتمد أولا على المقاربة الشمولية للقضايا
مقتطف من مذكرات العربي مفضال - زهرة العمر

Share this content:

شعر الملحون بين ثقافتين: العالمة والشعبية 

         تأليف: مجموعة باحثين  

الشعر لغة، بل هو اللغة عند وضعها الأول، فباختراعها اخترع الإنسان وجوده، وهو مع الموسيقى والرقص وفنون الشكل، يعتبر اللغة المشتركة بين جميع البشر في التاريخ كما في الحاضر.

والعرب، بمختلف أجناسهم ولغاتهم وجغرافياتهم... اشتهروا بالريادة فيه وبالغزارة في إنتاجه والتفوق في جماليته.

وخلال تطورهم، بفضل نهوضهم برسالة الإسلام ونهضتهم بها، تطورت معهم أنماط شعرهم وشكوله ولغته وموسيقاه... الموشح والدوبيت والمواليا والكان وكان والقوما والزجل والرباعيات (العروبيات)... وفي الذروة من جميع ذلك تتوج شعر الملحون.

غير أنه انطلاقا من هجومات الشمال العسكرية لاحتلال المشرق تحت راية الدين (ما يطلق عليه زورا الحروب الصليبية، ولم تكن سوى حروب تجارية). اضطر العرب لاحقا للتحالف مع الشعب التركي، والدخول تحت سيادة حكمه العثماني. فحافظوا بذلك على سيادة دينهم. وخسروا نمو لغتهم وآدابها، باستثناء المغرب (الأقصى منه خاصة) الذي اخترع شعر الملحون (المألوف، الموهوب، الكلام...). نمطا يمزج في إبداعية ويركب في جدلية: 

1-الاستمرارية الثقافية دونما تقليدية. والتجديد والإبداع بدون انقطاع. 

2-ثقافة العلماء الفصيحة والمتفقهة بالثقافة الشعبية العامية. بلغاتها المتعددة وحتى المتنوعة (دارجة – أمازيغية – عبرية – زنجية – حسانية – رومانية... إلخ).

3-ثقافة المدينة الحضرية (التجارية – الحرفية – الإدارية...) بالثقافة الفلاحية – الرعوية لمحيطاتها القروية والبدوية.

تمكن المغرب من ذلك، لأنه خاض اعتمادا على شعبه، حروب الوحدة والاستقلال وتحرير الثغور والسواحل من الإسبان والبرتغاليين، فأنتج لأجل تلك المقاومة، آدابها المتحررة هي الأخرى، ورموزها من المثقفين العضويين: شعراء وأولياء وفقهاء وقوادا وملوكا... مناضلين ارتبطوا بشعبهم وبتراث تاريخهم وبمستقبل وطنهم: تحرره وتحريره وتقدمه واستقلاله... وذلك قبل الغزوة الكبرى للاستعمار والاحتلال (الجزائر 1830) ثم استنزاف المغرب (1844-1860) واحتلاله التدريجي (1880-1907-1912). وتوقف بذلك كل شيء وتجمد بما في ذلك بالطبع شعر الملحون. ليرتفع صوت واحد هو صوت السلاح، سلاح المقاومة في مواجهة أسلحة المستعمر.

                                                                        ب.ع.الصمد

Share this content:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Share this content: