انطلق عبد الصمد بلكبير وكوكبته ... في منتصف 1984، في بناء صرح ثقافي عالي المستوى. اعتمد أولا على المقاربة الشمولية للقضايا
مقتطف من مذكرات العربي مفضال - زهرة العمر

Share this content:

ديوان:  أحلام الفجر

"بطل" آخر من أبطال معركة، لم يترسب لنا منها سوى الهزيمة والفشل حتى بدون دروس وخلاصات، واحد من جيل العصامية الوطني والتكوين الذاتي، وحيث الشغب الثقافي من جهة، والممارسة الاجتماعية – السياسية المهمشة للنظر والفكر من جهة أخرى، رجل آخر يمثل في تاريخه الشخصي وجها من وجوه تاريخ وطنه، ساهم في صنعه مثقفا أديبا وقائدا نقابيا وسياسيا ولم يحصد غير النسيان كالكثيرين غيره، ليس وحسب من قبل الذين مهنتهم إهمال التاريخ وتزييفه، بل أيضا ممن عملهم الوحيد، سلاحهم وأملهم هو: التاريخ.

ومن جانبه فقد ساهم عن عمد وسبق قرار في هذا المآل، فحيث تداخلت الخيوط مع 1956 وتشابكت التناقضات وانحطت السياسة إلى دسائس ومؤامرات، وأمست القرارات تصدر عن الكواليس مبيتة بليل... قرر هو العزلة عن الجميع، عن السياسة وعن الحزبية، واحتبى مهمات "ديبلوماسية" هي استراحة للمحارب وخلوة للزعيم. غير أنها طالت حتى أمست "تقاعدا".

لقد كان، كرفاقه، يمارس تغيير الواقع قبل تغيير الوعي، والإحساس به قبل تغيير اللغة شعرا. وكان هذا لديه، من أجل ذلك، والعكس. لم يكن نضال ذلك الجيل سوى شعر ولم يكن شعرهم سوى نضال، وكيف يفهم أحدهما دون الآخر. وهذا مرة أخرى نموذج لشعرائنا المعاصرين.

مع عبد القادر حسن نكتشف الكثير سواء في تاريخ الوطنية المغربية: نشأتها تنظيماتها أفكارها وأبطالها أو في تجربة رائد من رواد الشعر في المغرب الحديث، أول من طبع ديوانا عصريا، الشاعر القصاص الذي تعلم من الآداب الشعبية الشفوية في الملحون والعنترية... قبل أن يتعلم من كتب الأدب "الرفيع"، تعلم من (جامع الفنا) ومن جمهورها قبل ومع وبعد تعلمه في (ابن يوسف)، الشاعر المصارع بعناد في مرحلة الاستعمار، والذي رفض خوض الصراع مطلقا مع الاستقلال، "تقاعد" عن النضال ضد بعض رفاق الكفاح بالأمس لبواعث أخلاقية أو لغموض المرحلة وتعقد الأوضاع. اختار من كل ذلك وضدا عليه، موقفا انعزاليا أخلاقيا، تدرج به نحو نوع من "التصوف" نقيض منطلقه، أو هو العديل، الوجه الآخر أو الفرع عن ذلك المنطلق الأصل. 

ع. بلكبير

Share this content:

One thought on “ديوان:  أحلام الفجر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Share this content: